المعركة
جماعة تنغير وسؤال العدالة المجالية ومعالم البديل التنموي
بقلم: عدي السباعي
أثار الشروع في تنزيل برنامج تأهيل جماعة تنغير نقاش في أوساط بعض المتتبعين والمواطنين ، وهو نقاش صحي ومطلوب لأن المواطن ينبغي أن يكون في صلب الشأن العمومي والمحلي و مطلعا على كيفية تدبيره وخلفيات ومرتكزات صناعة القرار الترابي والمحلي كما المركزي .
في هذا السياق ينبغي التأكيد ان عمق المشكل لا يكمن في من أستفاد ومن لم يستفد ، بل يكمن في غياب مقاربة تنموية مجالية متكاملة للجماعة بعيدا عن منطق التوزيع ، ففلسفة تأهيل الجماعة اختزلت دائما في تأهيل مركز الجماعة وليس كل المجال الترابي للجماعة ، وهذا له جدور حتى في رؤية الوزارة المكلفة باعداد التراب الوطني وباقي القطاعات والمؤسسات العمومية والمنتخبة كما في التدبير التقليدي لشؤون الجماعة المتواصل منذ عقود حتى يومنا هذا ، فأحياء البلدية تفرض عليها الضرائب وواجبات التعمير وكل قواعد التمدن في مقابل عدم إدراجها في مشاريع التأهيل ولا معالم هذا الإنتماء المديني المفروض ، سواء من حيث التطهير السائل أو تبليط أزقتها وشوارعها الرئيسية بل حتى في الأجندة الزمنية لنقل التفايات ، ناهيك عن حلم الخدمات الاجتماعية والمرافق العمومية المتمركزة في مركز المدينة .
على هذا الأساس وجب التذكير أن مشروع تأهيل جماعة تنغير ينذرج في إطار اتفاقيتين ثم توقيعهما بين وزارة السكنى والتعمير واعداد التراب الوطني وسياسة المدينة على عهد الوزير نبيل بن عبدالله وبين مجلس جهة درعة تافيلالت سنة 2016 بمدينة ورزازات وتشمل تأهيل كل جماعات الجهة ،
والحال والواقع أن هذا البرنامج الشامل تم تصريفه بعد ذلك الى برنامج جزئي ومتدرج على غرار ما صاحب العديد من برامج الجهة في ولايتها السابقة من تعطيل وتعثر محليا وجهويا و نرى خروجها اليوم الى التنفيذ ، وهو مكسب نعتز به ويحسب للقائمين على الشأن الجهوي اليوم ولهم جزيل الشكر والتقدير ، والأهم أن البرنامج خرج الى حيز الوجود وخضع بدوره الى التجزيئ والتصرف وفق الظرفيات والتموقعات السياسية كما وقع في ولاية الجماعة السابقة !!!
وصلة بهذا الإطار التنظيمي لمشاريع التأهيل فقد حرصت
، للذكرى والتاريخ ، من موقع مسؤوليتي أنذاك في مجلس الجهة في إطار تنزيل البرنامج محليا وداخل الجهة وخلال الزيارات المتعاقبة للوزراء المكلفين بالقطاع للأقليم على التنبيه الى عدم اختزال برنامج التأهيل في مراكز الجماعات بذل مجموع مجالها الترابي . ولكل غاية مفيدة فإتفاقيات التأهيل كما اعتمدتها الجهة في ولايتها السابقة موجودة في أرشيف مجلس الجهة .
بعد كل ذلك ثم تنزيل برنامج التأهيل وفق أشطر كان أخرها إدماج بعض الأحياء المحورية للمركز دون غيرها ، دون توضيحات ولا حملة تواصلية تضع المواطن في الجماعة في صلب الرؤية والمعايير المعتمدة في البرمجة حتى لا يختلط المعامل السياسوي بالرهان التنموي ، وهو ما هو واقع اليوم مع الأسف الشديد ، وخلق مناخا غير سليم ولا صحي حول مستدات البرنامج التنموي للجماعة بين الحساب الانتخابوي ومنطق الانصاف المجالي والمتوازن بين الأحياء المحسوبة على تراب البلدية إداريا وقانونيا وسياسيا ، وجعل منتخبي الجماعة في مرمى سهام ناخبيهم عن حق أو باطل !!!
لكل هذه المعطيات وبنفس إيجابي أعتقد أن الخروج من هذا النفق الضيق يتطلب إعادة النظر في آليات صناعة القرلر التنموي المحلي بجماعة تنغير ، واعتماد نهج تواصلي مع الساكنة لأنها صانعة وهذف لكل قرار سياسي أو تنموي ،
كما يتطلب الوضع تجديد الثقافة الانتخابية السائدة وتغليب الكفاءة في إسناد المسؤوليات ، ووضع رهان الانصاف المجالي المتوازن للمجالات الترابية للجماعة بعيدا عن أي حسابات، وخارج منطق الأغلبية والمعارضة !!!. والأهم هو الخروج في مجال التدبير الجماعي من ثقافة توزيع ثروة الجماعة، على قلتها أصلا، الى منطق انتاج الثروة عبر قوة الترافع الجماعي اقليميا وجهويا ووطنيا ، وخلق أرضية توفر جاذبية أستثمارية تؤهل المجال وتوفر فرص الشغل وتحقق التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتحد من واقع الهجرة الداخلية والخارجية التي أضحت البديل الأول للشباب والأسر ، وذلك حتى لا تبقى تنغير المدينة ، كما محيطها ، أرض مواسم وحنين لأرض الميلاد في الصيف والأعياد .
وبخصوص التمثيلية الانتخابية في الجماعة فالأكيد أن عودة جماعة تنغير الى نمط الاقتراع الفردي عمق الأزمة وكرس المنطق القبلي الضيق وكتف أيادي وعقول المنتخبين بهاجس خدمة المصالح المرتبطة بحييهم وحماية أصواتهم الانتخابية بذل تملك رؤية أفقية تشرع لتنمية متوازنة لكل احياء الجماعة ، ونتمنى صادقين أن تحمل التعديلات المتتظرة في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ومدونة الانتخابات في أفق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ما يعيد حس الانتماء الجماعي والسياسي في تدبير الشأن المحلي ويمنح الكفاءات المحلية الوازنة فرصة صناعة البديل التنموي المستحق لمركز إقليم تنغير ولكل الاقليم بمجالاته شبه الحضرية وعمقه القروي الممتد .
عذراً التعليقات مغلقة