المعركة _ الرباط
وضعت الأغلبية الحكومية بمجلس النواب مقترح قانون يتعلق بـ”تجريم الاعتداء المادي للسلطات العمومية على الممتلكات الخاصة”. وحرك الأغلبية ما عللته ب«عدم التزام المسؤولين العموميين بمسطرة نزع الملكية» وب«خرق أحكام الفصل 35 من الدستور، ومقتضيات القانون المنظم لنزع الملكية للمنفعة العامة».
وعللت فرق الأغلبية، وهي فرق العدالة والتنمية والتجمع الدستوري والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي، بلورتها لمقترح القانون بالرغبة في التصدي لحالات الشطط في استغلال السلطة العامة، حيث قالت إن « الحاجة ملحة للتنصيص بشكل واضح وصريح على تجريم الاعتداء المادي ضمن مقتضيات القانون الجنائي، حتى يتم تمييزه عن التصرفات أو الإجراءات الإدارية سواء كانت سليمة أو مشوبة بالشطط في استعمال السلطة».
وأضافت فرق الأغلبية في المذكرة التقديمية أن المقترح يتضمن « تنصيصا على التجريم الصريح لفعل الاعتداء المادي الذي يسلكه موظفو ومسؤولو مؤسسات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية». وزادت موضحة أنه المقترح، الذي يتطرق إلى « إثارة المسؤولية الشخصية للمسؤولين عن واقعة الاعتداء المادي على ممتلكات المواطنين، وهي الواقعة التي ترهق مالية الدولة وتورط الإدارة العمومية في كم هائل من المنازعات القضائية».
وقد ارتكزت فرق الأغلبية بالنواب في وضعها لمقترح القانون المتعلق ب«تجريم الاعتداء المادي للسلطات العمومية على الممتلكات الخاصة» على أن «الاعتداء المادي اعتداء على القانون، وقد عرفه الفقه القانوني بأنه كل عمل مادي تنفيذي غير مشروع، ماس بالملكية الخاصة أو بالحريات العامة أو بحقوق الأفراد والجماعات صادر عن سلطة إدارية، وبالتالي يصبح مجردا عن صفته المشروعة، ويتعين ألا تتمتع الإدارة بموجب ذلك بالسلطات والامتيازات المعترف لها بها كسلطة عامة».
وزادت فرق الأغلبية موضحة أن القضاء المغربي قد عرف الاعتداء المادي بأنه «عمل مادي غير مرتبط بنص تشريعي أو تنظيمي، وليست له أية صلة بالقرارات الإدارية الصادرة عن السلطة الإدارية».
ونفت الفرق، في المذكرة التقديمية لمقترح القانون، صفة المشروعية القانونية عن التصرفات أو الإجراءات الإدارية المتعلقة بنزع الملكية في حالات الاعتداء المادي. إذ لفتت إلى أنه «لا يمكن إدراج إجراءات الاعتداء المادي ضمن التصرفات والإجراءات الإدارية أو عناصر القرار الإداري غير المشروع، لأنه غير مشروع من أساسه ولا يستند لأية مرجعية قانونية، مما ينزع عنه طابعه الإداري، ويصبح بالتالي عملا ماديا يتحمل مسؤوليته كل موظف أو مسؤول قام به ما دام لم يثبت سلوكه المساطر القانونية أو خضوعه لرؤسائه بهذا الخصوص».
واعتبرت فرق الأغلبية أن من شأن اعتماد مقترح القانون هذا «تحصين الحقوق العينية وضمان حرية الملكية الخاصة، وفق ما تنص عليه أحكام الدستور»، فضلا عن «تقليص عدد وحجم المنازعات القضائية بشكل كبير»، و«تجنيب مالية الدولة نزيفا خطيرا للتعويضات المحكوم بها، نتيجة عدم احترام المساطر القانونية لنزع الملكية للمنفعة العامة». وأشارت، كذلك، إلى أنه سيسمح ب «تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن عبر إخضاع المسؤولين للالتزام القانوني الواضح بسلك المساطر والإجراءات التي تنص عليها مقتضيات القانون المتعلق بنزع الملكية سواء كانوا مسؤولين عن إنجاز البرامج والمشاريع أو بصفتهم كمسؤولي الإدارات والسلطات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية كل في مجال تدخله ومسؤولتيه والسلطات الواقعة في مجال مهامه».
وأشارت المذكرة التقديمية لمقترح القانون إلى أن المغرب قد شهد خلال السنوات الأخيرة «تصاعدا كبيرا للأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية والمتعلقة بالاعتداء المادي على ممتلكات الخواص سواء كمواطنين أو كشركات مالكة للعقارات موضوع الاعتداء».
ونبهت المذكرة إلى «عدم التزام المسؤولين العموميين بمسطرة نزع الملكية يتسبب بشكل مباشر في تصاعد مهول لحجم ومبالغ وعدد الأحكام بالتعويضات، مما يؤدي من جهة، لنزاع يتعلق بإشكالات عدم القدرة على تنفيذ الأحكام نظرا لاستحالة البرمجة المالية لهذه التعويضات، ومن جهة ثانية لخرق أحكام الفصل 35 من الدستور، ومقتضيات القانون المنظم لنزع الملكية للمنفعة العامة».
وتبعا لكل ذلك، فقد نص مقترح القانون على معاقبة «كل مسؤول عمومي بالإدارات العمومية والجماعات الترابية والمنشآت والمقاولات العمومية، وبشكل عام كل موظف عمومي أو أحد رجال أو مفوضي السلطة أو القوة العمومية يأمر أو يباشر بنفسه عملا أو تصرفا أو إجراء يؤدي للاعتداء المادي على ممتلكات الخواص ولم يسلك من أجل ذلك مسطرة نزع الملكية كما هو محدد قانونا، بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين».
وزاد المقترح موضحا أنه«إذا ثبت أنه تصرف بناء على أمر صادر من رؤسائه بشكل صريح فإنه يتمتع بعذر مخفف من العقاب” وفي هذه الحالة “تطبق العقوبة على الرئيس الذي أصدره الأمر وحده».
عذراً التعليقات مغلقة