المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية ينظم ندوة تفاعلية حول موضوع: “دولة الجهات والمصالحة المجالية”

3 أبريل 2025
المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية ينظم ندوة تفاعلية حول موضوع: “دولة الجهات والمصالحة المجالية”

المعركة

بمناسبة الذكرى الثامنة لتأسيس المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية وبشراكة مع المركز المغربي للديمقراطية والامن نظم ندوة تفاعلية حول موضوع “دولة الجهات “المصالحة وجبر الضرر وذلك يوم الخميس 09 مارس 2025.

وبعد تقديم الإطار العام للندوة من طرف الاستاذ المصطفى بوجعبوط، تم اعطاء الكلمة للمتدخل الاول احمد الدرداري استاذ التعليم العالي- كلية الحقوق- تطوان ورئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات؛ الذي بدأ بثنيه على التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية باعتبارها تجربة تتصف بالجرأة. أما بالنسبة لقراءته لتدبير لنموذج التنموي فاعتبر مردود هذا النموذج ضعيف باعتبار استمرار التفاوت بين المدن والقرى وكذلك واستمرار الفقر.

كما اعتبر تدبير التجمعات السكانية لم تكن ايجابية وبالتالي فهذا المشكل يعرقل التنمية ودعا كذلك الى ضرورة تنمية الانسان من خلال برنامج تحرير الكفاءات … وفيما يتعلق بجبر الضرر دعا الى ضرورة جبر الضرر الصحي والتعليمي وكذلك احداث برلمانات جهوية وتشجيع الديمقراطية التشاركية عن طريق توسيع قاعة التشاور العمومي كما هو منصوص عليه في الدستور .أما بالنسبة للجهوية فاعتبر أن هنا شكلين من التدبير الجهوي: نوع يقتضي التدبير من الأعلى الى الأسفل والنوع الثاني يتم التدبير فيه من الأسفل نحو الأعلى واعتبر العنصر الثاني من التدبير هو الأنجح . واعتبر أن التقسيم الجهوي في المغرب لم يكن موفقا بحيث رفع من شأن بعضها وحط من شأن مناطق اخرى مما ترتب عنها المساس بالذاكرة الجماعية لبعض المناطق، كما دعى الى ضرورة احترام الخصوصية الثقافية في رسم السياسات العمومية نظرا لارتباطها بجبر الضرر وأن مشروع الجهوية لم يحقق المبتغى ولم يقرب المواطن من نمط عيشه ولم يوظف المقاربة التشاركية ولم يستطع النهوض بالإنسان والمجال.

المداخلة الثانية للأستاذ محمد علي الطبجي، فاعل حقوقي؛ الذي تطرق في البداية الى ضرورة اعادة النظر في تصور العدالة الانتقالية بالمغرب. وتناول في الشق المعياري لمداخلته مبادىء العدالة الانتقالية على المستوى الدولي. أما بالنسبة للتجربة المغربية فأكد على ضرورة تفعيل دور المجتمع المدني حتى يصبح فاعلا بالند مع مؤسسات الدولة واعتبر ان هيئة الانصاف ركزت على عنصرين مهمين :مبدا الانصاف ومبدأ المصالحة وان المبدأ الاول يؤدي الى المبدأ الثاني اي انصاف الضحايا يؤدي الى المصالحة مع المؤسسات وهو مالم يحدث في التجربة المغربية كما تحدث عن الانتقال الديمقراطي والذي يتطلب وقت كبير مسترشدا بالتجربة الفرنسية في هذا المجال اي ما بعد الانتقال تظل هناك محطات مؤلمة ولا يمكن الانتقال الى مرحلة جديدة دون تغيير العقليات القديمة.

اما فيما يتعلق بشروط نجاح الانتقال، فتطرق الى المشاركة وانخراط المجتمع المدني والاشتغال على استرجاع الحقوق والقانون ومعالجة تمثل مبادئ حقوق الانسان. اهم عناصر النجاح

اما بالنسبة لمفهوم جبر الضرر فأشار المتدخل الى انه في حدود 2003 كان يتم الحديث عن جبر الضرر المادي فقط واستبعد الضرر المعنوي الذي يشمل الضرر الترابي. واشار ايضا الى ضعف المواطن المغربي في عملية المشاركة السياسية يعيق عملية الانتقال الديمقراطي.

واعتبر انه لا يمكن الحديث عن جبر الضرر اذا لم يكن مصحوبا بجبر ضرر ترابي يعيد الاعتبار الى المجال الجغرافي ورد الاعتبار للإنسان ويعيد الاعتبار للحق في الاختلاف الفكري والايديولوجي ولتفعيل المصالحة، فالمسؤولية ملقاة على طرفين هما الدولة والمجتمع ولابد من الارتقاء بالمجتمع الحقوقي الى مصاف السلطة والانتقال به من مجرد حركة مطلبية الى قوة مطلبية حقيقية ولابد من اعمال المسؤولية المشتركة لتحقيق العدالة الانتقالية .وان توصيات الهيئة تتطلب تدخل الحركة الحقوقية ولابد من الاشتغال مع الآخر المختلف .

المتدخل الثالث عبد العالي منسق منتدى المواطنة الذي بدأ باعتبار انه مند التسعينات بدأت رؤى الاطياف التي كانت متصارعة تقترب مما قرب هامش بناء الثقة وتم انشاء هيئة النصاف والمصالحة غير ان الاحتجاجات المستمرة بعد توصيات هيئة الانصاف والمصالحة تطرح سؤال حول نجاح التجربة. وأشار الى ان الدستور 2011 تضمن إصلاحات عديدة ليس فقد دسترة توصيات الهيأة بل حتى مطال حقوقية سابقة. واستمرار غياب الثقة بين المجتمع والدولة من خلال ضعف المشاركة السياسة. وخلص الى أن المؤسسات الخالية تدار بعقليات مناهضة للمؤسسات أي تدار من طرف أناس مناهضة لحقوق الإنسان مما ينعكس على تنفيذ مشاريع اصلاحية واعتبر أن الديمقراطية مكلفة لكنها أقل ضررا من احتكار السلط..

عبد الوهاب تدموري، فاعل حقوقي، المنسق العام لمنتدى حقوق الانسان لشمال المغرب. أشار خلال مداخلته الى أن المغرب يعرف أزمة مركبة وخير ذليل على ذلك فقدان الثقة بين الدولة والمجتمع، واعتبر ان تحمل الدولة لمسؤوليتها عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان مسألة ايجابية وفيما يتعلق بجبر الضر الفردي فتم اقراره دون ربطه بالمساءلة مما أخل بحق الذاكرة في معالجتها ، وبقيت العديد من المواقع المعنية بالانتهاكات في كتم النسيان دون ان تكون للدولة ارادة اصلاحها وتحويلها الى متاحف لتذكر بالماضي الاليم. وكذلك الرموز التاريخية التي تشكل الذاكرة الجماعية مع ضرورة اعادة كتابة تاريخ هذه الجهات. وفقا لمبدأ حق الشعوب في معرفة تاريخها الحقيقي وهو مالم لم تنجز الدولة أي تقدم في هذا السياق.

وأشار الى أن منطقة الريف كانت غائبة في مجال معالجة الذاكرة ولم يتم اي ترميم للمواقع التي شهدت تعذيب الريفيين في مرحلة الخمسينيات من القرن الماضي بما فيهم معتقلوا دار بريشة. وحتى متحف الريف الذي جاء في خطاب الملك سنة 2004 لم يرى النور حتى هذه الساعة وتم تقزيم اسمه وتحويله الى متحف الحسيمة. بل أصبح حمل رموز هذه الجهات رمزا للاعتقال والمساءلة وهو ما حدث مع معتقلي حراك الريف. إن العدالة الانتقالية لم يتم اقرارها كأجراء لتبيض لماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان بل ربطها بشكل وثيق بعملية الانتقال الديمقراطي كضمان لعدم التكرار وهو مالم يتحقق بالنسبة للمغرب .

أما مسألة دولة الجهات اعتبر أن التجربة عرفت تراكم من حيث القوانين والتشريعات لكن بقيت حبيسة المفهوم الاقتصادي والاداري وهي لم تخرج في اطار اعادة تمركز الدولة وارتبطت بأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية التي عرفها المغرب . واشار الى انه رغم الارادة السياسية (خطاب الحسن الثاني. خطاب محمد السادس) بقيت الجهات دون المستوى في هذا المجال مما يطرح السؤال اين الخلل، فهل في عقم مؤسسات الدولة ام المجتمع؟ واعتبر ان المجتمع المدني والاحزاب السياسية نظرا لطبيعة تنظيمها الممركزة وكذا المصالح التي راكمتها داخل النظام المركزي غير مستعدة للتنازل عن هذه الامتيازات وهي تنسج علاقات مع اللوبيات المخزنية التقليدية داخل السلطة المركزية مما جعلها احزاب ضعيفة تفتقد الى حس المبادرة.

أما مسألة العدالة الترابية، فقد تساءل المتدخل هل توجد في المغرب جهات ترابية حتى نتحدث عن العدالة الترابية .باعتبار ان التقطيع الترابي بالمغرب اسقط عنصرا مهما وهو عنصر الهوياتي، فجهة الشمال مثلا: تمت بلقنتها وتشتيت العنصر الهوياتي، علما أن جهة الريف تحد تاريخيا بالأطلس غربا والبحر المتوسط شمالا ونهر ملوية شرقا وواد ذرعة جنوبا وهو مالم يسجل في التجربة الجهوية المغربية الحالية. وبالتالي لا يمكننا الحديث عن العدالة الترابية بل الحديث عن للعدالة المجالية التي لم تتحقق أيضا فأشار حسب المعهد المغربي لتحليل السياسات التي انجزت سنة2024 الي اشار الى انه حوالي 61% من الاستثمارات في ثلاثة جهات فيما توزع 39 على تسع جهات. وبالتالي فإن العدالة المجالية تستلزم توفر الانصاف في التوزيع. خلاصة القول ضرورة إعادة النظر في شكل الدولة.

المتدخل الخامس مصطفى المنوزي، أمين عام شبكة أمان المغرب للحماية والوقاية من التعذيب؛رئيس المركز المغربي للديموقراطية والأمن . رئيس أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي؛ تحدث عن مبدأ عدم التكرار ولكن لا توجد المأسسة لهذا المبدأ. فأشار إلى أن دولة الجهات تنتقل السلطات الى الجهات، وبالتالي العمل على علاجات الأضرار. وتحدث عن تفويض السلطات في دولة الجهات لتحقيق للانتقال الديمقراطي. وتحدث عن وجود عدة اكراهات في دولة الجهات منها عدم الثقة ومشكل عقدة الدولة، وأن المغرب في حاجة الى جهات تحدد الخصاص.

المداخلة الأخيرة: الدكتور مساعد عبد القادر،أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق- طنجة، ومنسق ماستر حقوق الانسان، ورئيس المركز العلمي الدولي للحوار والمناقشة حول الأبعاد الجديدة لحقوق الإنسان؛

هناك البعد الرمزي لجبر الضرر الجماعي أو الترابي ، هذا النوع من الجبر مهم لكن الشعور والاحساس به له أهمية يستلزم أدوات تأهيل الساكنة ومستوى ثقافي لفهم البعد الرمزي.

الجماعة التي كانت موضوع الانتهاك ربما تحتاج الى تصور اخر الى جبر الضرر. بالنسبة بعض الجهات المتعبة الحديث عن نوع من جبر الضرر سابق لأوانه لأن ساكنة الجماعة تحتاج الى أنواع أخرى من جبر الضرر في مقدمتها التنمية الاقتصادية والاجتماعية لكن ليس بمفهوم الإدارة المركزية ، تنمية اقتصادية واجتماعية بمفهوم الإدارة اللامركزية بمفهوم الجماعة. هذه الجهات رغم جبر الضرر المعنوي والمادي الذي عرفته لازالت تعرف الهجرة، الإحصاء الأخير يؤكد أنه في بعض المناطق التي كانت موضوع الانتهاك عرفت انخفاض في عدد السكان.

تعرف مزيد من التعب المجالي، هذا يعطي نتيجة تتجلى في نظرة المسؤولين لبعض الجهات كمناطق تأديبية . هناك إقرار ضمني او رغبة في عدم تجاوز تلك المفاهيم التقليدية.

جبر الضرر الجماعي والترابي هو نوع من المؤسسات التي تشارك في هذا الضرر. اطلالة على الأشخاص المشاركين في جبر الضرر نجد المؤسسة الوطنية للمجلس الوطني لحقوق الانسان،

وأشار الدكتور إلى تباطؤ في الدينامية التنموية مقارنة مع الدينامية التي تعرفها بعض الجهات، هناك تفاوت يزيد من شعور بالتهميش والاقصاء وعدم الرضى. ينبغي التحول من التنمية في المفهوم التقليدي الى التنمية بالمفهوم الجديد الذي يجعل التنمية أفكار قابلة للتطبيق.

كخلاصة ، هناك إنجازات واخفاقات لا يمكن تضخيمها، يجب اعتماد نموذج جديد خاص لتنمية المناطق يختلف عن نموذج الإدارة المركزية. وتطوير النموذج المعتمد في دولة الجهات.

نموذج خاص مغربي جديد دون المساس بالتوجه العام للدولة، نموذج جديد ومنطق جديد واختصاصات جديدة، جعلها ذات جاذبية وليست فقط سياحية. الرهان على الجاذبيات الأخرى، دينية، روحية، إدارية، رياضية. التفكير في التخفيف عن بعض الجهات التي تعرف بعض المشاكل. بأن تصبح هذه الجهات المتعبة هي الحل. التفكير في الانتقال من الإطار الترابي للجماعة الى الإطار الإنساني. التفكير في الثورة التكنولوجية الرابعة أن تستفيد منه الجماعات المتعبة في تجاوز التعب.

في ختام الندوة وفي إطار تفاعل المتدخلين مع أسئلة المتابعين والتي تمحورت حول ما جاء في المداخلات، تم المزيد من توضيح وتعميق النقاش حول الموضوع.

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

    موافق