المعركة
نظم المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية بمناسبة الذكرى الثانية من تأسيسه ندوة ”عن بعد” حول موضوع: “قراءة في التقارير الدولية والمحلية لحقوق الانسان حول المغرب الصادرة سنة 2021” ، يوم الثلاثاء 20 أبريل 2021 على الساعة :0022 ليلا.
وقد استحضر المركز فيها إنجازاته وفق أهدافه البحثية والعلمية في مجال حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية تجسيدا لدوره الريادي في تجويد البحث العلمي الأكاديمي لمقاربته لحقوق الانسان سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي وإيمانا منه بكونية وشمولية حقوق الإنسان.
وشارك في هذه الندوة كل من الدكتور مساعد عبد القادر أستاذ التعليم العالي ومنسق ماستر حقوق الانسان ورئيس المركز العلمي الدولي للحوار والمناقشة حول الأبعاد الجديدة لحقوق الإنسان- بكلية الحقوق بطنجة، والدكتور محمد جعفر أستاذ باحث كلية الحقوق – مكناس والدكتور سعيد مشتاك أستاذ باحث كلية الحقوق سيدي محمد بن عبد الله – فاس والدكتور المصطفى بوجعبوط- مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية، ورشيد ابضار طالب باحث في سلك الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية .
وقد افتتحت الأستاذة كريمة الصديقي مسيرة الندوة بالترحيب بالمتدخلين فيها، وكذا متتبعي انشطة المركز، وبالتذكير بموضوع الندوة، وأهميته ودواعي مناقشتها، ثم بعد ذلك أعطت الأستاذة المسيرة الكلمة للسادة الأساتذة المتدخلين في الندوة .
وتناول في الاول الاستاذ مساعد عبد القادر مداخلته بتأملات في تحرير التقارير المتعلقة برصد الخروقات في مجال بحقوق الانسان الذي أشار من خلالها إلى الدور الايجابي للتقارير في تجويد منظومة حقوق الانسان في الدول حيث تعتبر مؤشرا في انفتاح الدولة ورغبتها في ترسيخ الديمقراطية.
وأكد الأستاذ على أن الدول تعتمد في صياغة تقاريرها على المنهج التدرجي القائم على تبيان الانجازات وحجم التقدم وآفاق حقوق الانسان في الدولة في حين تعتمد المنظمات غير الحكومية في تقاريرها الموازية على المنهج الثابت الذي يقوم على وحدة حقوق الانسان وضرورة تنزيلها وفق المرجعية الدولية لها. فالتقارير حسب الأستاذ عبد القادر يجب أن تصاغ وفق منهجية محكمة بعيدة عن المفهومية والأيديولوجيا، و يجب أن تنبني على الاستنتاج العلمي الرصين، ويجب أن تبتعد عن اللاءات الثلاث: التفسير- التحليل- المناقشة . وخلص الدكتور الى ضرورة اعتماد المنهج العلمي المحكم في صياغة التقارير المتعلقة بحقوق الإنسان.
وفيما تناول الدكتور محمد جعفر كلمته لقراءته في تقرير هيومن رايتس ووتش لسنة 2021 حول حقوق الإنسان والذي عنون مداخلته، بـ:
“Intentionnalités et temporalités dans le rapport de Human Rights Watch ( 2021) sur la situation des droits de l’homme au Maroc”.
وقد تطرق الدكتور في معرض حديثه عن الخلفية التي يمكن أن تشوب المراحل الثلات من التقرير و يمكن أن توجه مسارها : مرحلة جمع المعلومات – مرحلة التحرير و مرحلة الاصدار. وقد قام بدراسة التقرير بناء على المؤشرات و المحددات العلمية المنصوص عليها من طرف هيأة الأمم المتحدة و المتمثلة في كلمة “RIGHTS” حيث فسر معنى كل مؤشر على حدى :
R = Robustesse I = Indépendance G = Globalité H= normes relatives aux droits humains T =Transparence S = Simplicité et spécificité
بعد ذلك تحدث عن مقياس اللاءات الثلاث وانصب على تحليل التقرير من خلال البنية والمضمون و أشار إلى المهارات المعجمية التي يعتمدها التقرير والتي غالبا ما تبتعد عن العلمية والحياد و تخدم خلفية الفوضى الخلاقة أو البناءة.
أما الدكتور مشتاك سعيد الذي عنون مداخلته بـ: ” التقرير السنوي لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان 2021 :البنية والمضمون.” الذي ناقش من خلالها أن تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش تعتمد على المنهج الاستقصائي أي الحياد والموضوعية والوثوق. فالمنظمة تنجز تقاريرها الحقوقية على أكثر من 100 دولة و تراعي حماية الحقوق المدنية والسياسية بالدرجة الأساسية و تتميز بالقدرة على التأثير في الرأي الدولي. وأشار الدكتور إلى أن تقارير المنظمة تهدف إلى فضح انتهاكات حقوق الانسان بدول العالم وكما ناقش بنية هذه المنظمة التي تحتوي على مدراء يمارسون عملهم لمدة تفوق عشرين سنة، مما يمس مصداقية التداول على المناصب بالمنظمة. وخلص الدكتور إلى أنه لا توجد حقوق الإنسان بدون تسييس. وربط الدكتور هذا المعطى بانحياز تقارير هذه المنظمة لجبهة البوليساريو على حساب المغرب.
أما الطالب الباحث في مركز الدكتوراه أبضار رشيد الذي قدم مداخلة مميزة ورزينة في قراءة ودراسة مضمون تقرير منظمة العفو الدولية بشأن حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2021 والذي أشار من خلالها إلى مجموع من النقاط الأساسية حول التقرير مستهلا حديثه بمفهوم المنظمة وتاريخها، ودورها في حماية حقوق الإنسان وانتقل إلى مناقشة مضمون التقرير الذي جاء حسب الباحث متزامنا مع جائحة كورونا، ورصد العديد من الخروقات وربطها بالتراجع في منسوب الحقوق والحريات انطلاقا من القوانين التي فرضها المغرب للحد من الجائحة والتي وصفها التقرير بالمجحفة والتي تضرب عرض الحائط الحقوق والحريات الأساسية وأشار الباحث بأن التقرير أهمل مجموعة من المنجزات قام بها المغرب للرقي بالحقوق والحريات وخلصت مداخلة الباحث إلى أن التقرير لم يبرز الجوانب الايجابية في مقاربة المغرب الحقوقية ولم يستحضر ظروف التي يمر منها العام خلال الجائحة.
أما الدكتور المصطفى بوجعبوط الذي تضمنت مداخلته حول قراءة في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الامريكية حول الممارسة الحقوقية بالمغرب، واستهل حديثه بالتعريف بتقارير وزارة الخارجية الأمريكية ودورها في دعم والرقي بحقوق الانسان على مستوى العالمي والإدارة الأمريكية المتعاقبة. وأكد الدكتور بوجعبوط أن إعداد هذه التقارير مرتبطة طبقا للمادتين 116 و502 من قانون المساعدات الخارجية لسنة 1961. وأن إعداد تلك التقارير التي تشمل 200 دولة والتي تخضع إلى مسطرة معقدة مقارنة بتقارير المنظمات غير الحكومية ابتداء من مسودة التقرير الذي تسهر عليه القنصليات الأمريكية في كل بلد بالتفاعل مع التقارير المنظمات الحقوقية المحلية وباقي الفاعلين الأخرين والإحالة القانونية لوزير الخارجية في كل من 25 فبراير من كل سنة تسليم رئيس مجلس النواب ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ تقريرا شاملا وكاملا.
وأكد الدكتور أن التقارير الأمريكية تحمل الجوانب الإيجابية والسلبية لحقوق الانسان ومدى تنزيل الدول لمنظومة حقوق الانسان عبر سياساتها الداخلية، وتحدث الدكتور على الجانب التنظيمي من حيث الهندسة والبناء ومضمون هذا التقرير. وأبرز الدكتور أن التقرير الأخير للخارجية الأمريكية حول المغرب تعامل بإيجابية مع مغربية الصحراء حيث أقر بسيادة المغرب على صحرائه وختم بضرورة إيجاد آليات وطنية للتعامل مع التقارير الدولية في مجال حقوق الانسان. ووضعها أفقا للتفكير العلمي والبحثي في الجامعات المغربية.
وخلصت الندوة للدفع بفتح نقاش عمومي وأفق للتفكير واستثمار تجربة حقوق الانسان المغربية وتطويرها، وقدم المشاركون توصيات مهمة سيتم العمل عليها في المستقبل منها ضرورة إحداث آليات وطنية تساهم في تحليل التقارير الدولية والإجابة عليها مع الزامية اعتماد منهجية علمية في صياغة التقارير بعيدا عن الأيديولوجيا التي تهدم قيم المجتمعات مع اعتماد مبدأ الشفافية والموضوعية في إعدادها و تقصي العلمية والحياد في التحقيق قبلي، حفاظا على مصداقيتها وعدم انحيازها وعدم إقحام التقليدانية أو الخصوصية الهوياتية كحق كوني أو شمولي.
عذراً التعليقات مغلقة