حسناء شهابي تكتب: نحن وليدات المعلم

12 أبريل 2021
حسناء شهابي تكتب: نحن وليدات المعلم

نحن وليدات المعلم

نعم نحن وليدات المعلم مربي الأجيال و مربينا .. نحن وليدات المعلم الذي حرص على تلقيننا الأخلاق الفاضلة و المعرفة النافعة ..نحن وليدات المعلم الذي انتظر نجاحنا ..وليدات المعلم الذي رسم لنا مستقبلنا وأرشدنا إلى طريق المثل العليا .نحن وليدات المعلم الذي كان يتألم من أجل فشل تلميذ في الدراسة أو تركه مدرسته..المعلم الذي كان يخاف على التلميذ من كل شيء ولاشيء..

فالمعلم ظل مدرسة القدوة الصالحة لنا جميعا، يتقلد وسام العطاء بدون انقطاع. يتمتع بالاحترام والتقدير ورفعة الشأن والشكر والامتنان .فلا شيء يكافئ جهده المبذول، ولا ظروف عمله الغير مناسبة.

في زمن البساطة كانت الأحياء تميّز البيوت الراقية اجتماعيا عندما تطلق عليها لقب (بيت المعلم)،بينما أصبح المعلم اليوم في عقل الطلبة في آخر قائمة المهن تذكرا واختيارا،لأن الأوطان ما عادت تجعل من المعلم رسولا يبشر بالحرف ، ولا مبجلا بالقيام والاحترام ،بل صار أفقر الناس مالا، وأكثرهم شفقة وتهميشا ،وأضعفهم رأيا وحكمة . سبحان الله مغير الأحوال والنفوس ومقلب القلوب!

عذرا أيها المعلم فلا تغضب مني و لا تنزعج من مقالي. فما أكثر الكلام اليوم عن مأساة المعلم، فالذين تخرجوا من بين يديك وضعوك في مكانة لا تليق بشأنك ولا برسالتك. كما الفأس يقطع الشجرة وهو مصنوع من خشبها ،هذا نِتاج مسيرتك وما صنعته بأدائك من أبطال المجتمع (طبيب، مهندس، موظف أمن،موظف سلطة..)
أي سياسة عمياء تمارس بحق المعلم ذلك الجندي المجهول الذي لا يلقى جيلا يقدره ولا حكومة تحميه ولا دولة تعطيه بحق استحقاقه. فعذراً إن رأيت ما يجرحك،ما يهينك و من يصفعك أو من يجرك على الأرض أو حتى سمعت ما يزعجك و كأنه لايكفي المعلم ظلما.

فكيف تهدر حقوق منشئ الأجيال؟ و كيف يتم التماطل في حل هذا الملف منذ سنتين؟
وكأنه مطلب غير مشروع في ظل غياب الحوار، واللجوء إلى سياسة صمّ الآذان في وقت يعرف فيه قطاع التعليم غلياناً غير مسبوق.
ماذا بقي من كرامة المعلم وكرامة التعليم هل نسينا ما قيل عن المعلم الذي أوشك يكون رسولاً؟ ونسوا أيضاً أن أفضل صفة كانوا يطلقونها على الفيلسوف والمصلح والرائد هي صفة “المعلم”! منذ أطلقوا على أرسطو لقب المعلم الأول وعلى الفارابي الذي ينافسه على هذا اللقب، ابن رشد وابن سينا لقب المعلم الثاني، وقال فيصل الأول قولته الشهيرة: (لو لم أكن ملكاً لكنت معلماً) . هنا أتذكر عندما سئل مؤسس سنغافورة عن سر تقدم بلاده أجاب المعلم المعلم و التعليم.

أتحسف على المعلم بعد أن كاد ليكون رسولا في الماضي أصبح مهانا معرضا للخطر في الحاضر.و أتحسر على ذلك الزمن الذي كان فيه المعلم فيه طبيبا وقاضيا وإماما ومعلما ومربيا وشاهدا على نفسه أنه من الصالحين لكن العطار لا يصلح ما أفسده الدهر .وللدهر ذكرى تحبس دموع العبرة مع معلم الابتدائي عندما كان يردد حكمة كورية :”إياك أن تضع قدمك على ظلّ المعلم” مع الأسف أستاذ كما تعودت أن ألقبك الأقدام التي كانت تقف لك أصبحت تقف ضدك تركل و تنكل صاحب الظل علانية.

بقلم الأستاذة حسناء شهابي

 

 

 

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

    موافق