المعركة _ الرباط
سجلت دراسة وطنية حول تزويج القاصرات بالمغرب، أن 10,79 في المائة من الفتيات، على المستوى الوطني، يتزوجن عرفيا بسورة الفاتحة، كاشفة أن “زواج الفاتحة” مستمر بنسبة تبلغ 13 % في المناطق القروية مقابل 6,56 % في المناطق الحصرية.
وفي الوقت الذي سجلت فيه الدراسة التي أنجزتها جمعية “حقوق وعدالة”، كون جهة الدار البيضاء -سطات، الأكثر تأثرا بتزويج القاصرات بنسبة 19,86 %، تسجل أكبر نسب “زواج الفاتحة” في جهتي درعة-تافيلالت وبني ملال-خنيفرة، بنسب مرتفعة جدا،بحيث يوازي نسب الزواج الموثق أمام المحاكم خصوصا بدرعة- تافيلالت.
وأشارت الدراسة، التي شملت 627 حالة، (408 حالة بالعالم القروي، و207 حالة في المجال الحضري، و 12 رجلا قاصرا متزوج على المستوى الوطني لاستكمال العينة المعتمدة)، (أشارت) أن 51.47 في المائة من القاصرات تزوجن في سن السابعة عشرة، و29.15 في المائة عن سن ست عشرة سنة، و11.24 في المائة كان عمرهن لا يتعدى 15 سنة حينما تم تزويجهن.
وأوضح الدراسة أن نسبة 64,36 في المائة من المستجوبات، تصرح أنها لم تتعرض لأي ضغوط، في حين أكد الثلث أي نسبة 35,64 في المائة عكس ذلك، بنسبة 22,11 للأسرة، 9,24 للأب، وأخيرا 4,29 في المائة للأم، ومع ذلك، فإن عدم التعرض لضغط مباشر لايعني عدم وجود ضغط غير مباشر.
وأرجع البحث تنامي زواج القاصرات، إلى بنية الأسر التقليدية، التي يكون فيها دور الأب والأخ دورا محوريا، كما هو الشأن في الأوساط القروية وفي دور الصفيح بالوسط الحضري، علاوة على تسجيل الظاهرة إلى استمرار تزويج القاصرات مقابل المال، أو ما يعرف بـ”زواج الكُونْطرا”، في العالم القروي.
وبخصوص نسبة تعلم المستجوبات، فإن المستوى الدراسي للقاصرات، يبلغ 34.64 في المائة بالوسط القروي مقابل 84.06 في المائة بالوسط الحضري؛ ذلك أن نصف المُستجوبات لم تطأ أقدامهن المدرسة أبدا (48.70 في المائة)، لا سيما في القرى التي تتفاقم بها الظاهرة.
نصف الفتيات القاصرات لم يتجاوزن السلك الابتدائي، تكشف الدراسة، موردة أن 75.88 في المائة تابعن دراستهن إلى حدود السلك الثانوي الإعدادي، و24.12 في المائة بلغن السلك الثانوي التأهيلي؛ في حين ترتفع هذه النسب في الوسط القروي، لتصل إلى 54.98 بالنسبة إلى الفتيات اللائي انقطعن عن الدراسة في حدود المستوى الابتدائي و79.1 في المائة بالنسبة إلى القاصرات اللائي بلغن السلك الإعدادي.
وبخصوص المستوى التعليمي لأسرهن، فإن 74.35 في المائة من أسر الفتيات القاصرات أميون، خصوصا في جهتي الدار البيضاء-سطات ومراكش-آسفي،. كما أن نسبة الأمهات اللائي تزوجن أيضا دون بلوغ سن الرشد حينئذ يقدر بـ71.96 في المائة، تتوزع بين 58.92 في المائة بالوسط الحضري و78.53 في المائة بالوسط القروي، وتأتي جهتا الدار البيضاء-سطات ومراكش-آسفي في الصدارة.
وفي معطيات أخرى، نسبة تؤثر في ظاهرة استمرار تزويج القاصرات، لفتت الدراسة إلى أن 86.47 في المائة من آباء وأمهات الفتيات القاصرات، ما زالوا على قيد الحياة، مقابل 13.53 في المائة متوفين. كما أن 6.27 في المائة من الأمهات تطلّقن بصفة رسمية بعدما تزوجن أيضاً دون بلوغ سن الرشد، في حين توجد عائلات تخلى عنها الزوج دون أي طلاق رسمي.
وصرحت القاصرات، موضوع الدراسة، بأن أمهاتهن تزوجن خلال فترة عمرية تتراوح بين 15 و18 سنة (معدل 43.39 في المائة)، حيث يصل “زواج الفاتحة” لدى هذه الشريحة المجتمعية إلى 33.89 في المائة، مقابل 62 في المائة من الزواج الموثق أمام المحاكم. أما آباء الفتيات القاصرات، الدراسة أن 75.72 في المائة يزاولون عملاً مؤدى عنها، يشكل العالم الحضري ما قدره 77.66 في المائة و74.63 في المائة بالعالم القروي؛ بينما الآباء العاطلون عن العمل يناهزون 23.14 في المائة، على أساس أن البطالة تتمحور في جهتي الدار البيضاء-سطات وفاس-مكناس. ويتقاضى 32.21 في المائة من آباء الفتيات القاصرات أجرة شهرية تصل إلى 3000 درهم، والنسبة نفسها تتقاضى أجرة أيضا تتراوح بين 2000 و3000 درهم، في ما 30.20 في المائة تتقاضى أجرة شهرية بين 1000 و2000 درهم، بينما 5.37 في المائة لا يتعدى راتبها الشهري ألف درهم.
ولإنهاء ظاهرة تزويج القاصرات، تدعو جمعية “حقوق وعدالة” إلى إلغاء الاستثناء المتمثل في المادة 20 من مدونة الأسرة فقط، كحل أول وجدري، وهو المقترح من طرف غالبية هيئات المجتمع المدني، كما أعرب عن ذلك المجلس الاقتصادي والاجتماعي في رأيه بخصوص هذه المسألة، ومن شأن هذا الإجراء، وفق الدراسة، أن ينطوي على تعديل بعض المواد، وخاصة المادة 21 التي تنص على ضرورة إبرام هذا الزواج بإذن من الممثل الشرعي، والمادة 22 التي تنص على أن القاصرين المتزوجين وفق الأشكال المنصوص عليها من خلال المدونة، يكتسبون الأهلية المدنية بالنسبة لكل مايتعلق بالحقوق والالتزامات الناشئة عن الآثار المترتبة عن الزواج.
الحل الثاني هو الحفاظ –على الأقل- لبعض الوقت، على إمكانية الاستثناء مع أخذ الواقع الاجتماعي بعين الاعتبار ولكن من خلال تطويقه بشروط أشد صرامة، من خلال تحديد الحد الأدنى للسن، والترخيص بالاستئناف ضد جميع قرارات قاضي الأسرة، وإضافة شرط سن الزواج عند إصدار الإذن من طرف قاضي، ومحاربة الزواج بالفاتحة.
عذراً التعليقات مغلقة