المعركة
يطرح استقبال ابراهيم غالي زعيم جماعة الانفصاليين باسبانيا ودخوله الى هذا البلد بجواز سفر مزور واسم مزور وهوية مزورة، عدا الاشكالات القانونية، اشكالات سياسية واخلاقية.
فان تقبل إسبانيا البلد العضو في الاتحاد الاروبي، دخول زعيم حركة إرهابية تؤمن بالعنف ومتابع من طرف قضائها في قضايا تتعلق بجرائم ضد الإنسانية والإغتصاب وممارسة التعذيب على مواطنين إسبان ومغاربة مع سبق الإصرار والترصد وعلى نحو منظم ومستمر، فتلك قمة الإنحدار الأخلاقي والسياسي والدوس على قيم أروبا الديموقراطية، أوروبا حقوق الانسان.
وأن ترفض سلطات إسبانيا إعمال مسطرة الاحالة على القضاء في حق مجرم دولي فتلك فضيحة سياسية وأخلاقية لاتشرف شعب إسبانيا الصديق وتمرغ قيم الديموقراطية وحقوق الانسان في مزبلة منطق المصالح.
وأن تقبل سلطات مدريد كل هذا وتدخل هذا الشخص متواطئة مع النظام العسكري الجزائري بهوية وإسم ووثائق تعرف وأخبرت بأنها غير هويته ووثيقة سفره، فتلك قمة العبث والاستهثار بالقيمة التي يكتسبها جواز السفر في العلاقات الدولية. قد نفهم تورط النظام ااجزائري في التزوير واحتضان وحماية الارهابيين وممارسي التعذيب واستعمالهم أوراق في سياستها الدولية، قد نفهم ذلك لاننا أمام نظام لايومن بحقوق الانسان ودولة القانون، ولكن لا نفهم تواطؤ إسبانيا وبالتالي أروبا شينغن، في هذا الخرق الجسيم لقواعد تنقل الاشخاص .
جواز السفر الذي تمنحه سلطات الجزائر تتعزز اليوم عدم مصداقيته إذ قد يصبح جواز سفر دبلوماسي أو جواز خدمة جزائري ممنوحا لإرهابيين خطيرين مما يطرح أسئلة كبرى بشأن مغهوم الأمن والسلامة في علاقتهما باستعمال وثائق مزيفة صادرة عن دولة عضو في الأمم المتحدة.
لنترك أمر الجزائر جانبا، فشعبها قادر على انتزاع تقرير مصيره وهو بحراكه السلمي يؤسس لدولته الديموقراطية المأمولة، ولنعد الى إسبانيا.
فلما نظمت سلطات الحكم الذاتي في كاطالونيا استفتاء الاستقلال وفاز فيه الانفصاليون، وظفت الحكومة المركزية في مدريد كل الوسائل القانونية والسياسية لجعل الاستشارة ملغاة وغير ذات موضوع، علما بان كاطالونيا كانت في فترات طوياة من التاريخ كيانا مستقلا. حاكمت مدريد قادة الانفصال وأدانتهم المحاكم وطاردتهم عبر أروبا لدرء الانفصال. هذا عمل مشروع ونحن مع وحدة إسبانيا الترابية . ولكن كيف تقف إسبانيا وتتخذ مواقف ضد وحدة المغرب الترابية وتستقبل زعيما انفصاليا يقود حركة معادية بالعنف وضد الشرعية الوطنية والدولية، ولا تقبل بالانفصال لذاتها؟
هذا التناقض في المواقف الذي يميز تصرفات وسياسات حكومة مدريد ، يطرح اليوم سؤال المصداقية …فهل أصبحت القيم والمبادئ وكل التراث الحقوقي الاروبي…لا تزن شيئا امام البترول والغاز.؟
بين المغرب واسبانيا العديد من الملغات الشائكة أولها استمرار احتلال سبتة ومليلية وضرورة عودتهما الى الوطن الأم المغرب، وموقف مدريد من وحدتنا الترابية في الجنوب والهجرة وقضايا الفلاحة، فضلا عن التاريخ الاستعماري وما ميزه من استعمال الاحتلال الاسباني من أسلحة محرمة دوليا ضد المقاومة المغربية في الريف الخ..
ولكن بين بلدينا مصالح ومبادلات وتاريخ مشترك وتراث ثقافي مشترك …
وهذا ما على مدريد ان تستحضره وتصحح أخطاءها…فنحن شريك صادق وموثوق به …ولدينا أوراقنا .. ولنا كرامة مواطنينا التي لا تقل عن كرامة المواطنين الاسبان.
ماذا كانت مدريد فاعلة مثلا او ان انفصاليا ومجرم حرب إسباني أو متابع في اسبانيا دخل إلى المغرب؟ أكيد كانت ستقيم الدنيا وتكيل لبلادنا ..ما لا قد نتصور.
اللعب الدولي تغير …والتلاعب بآلام من ذاقوا تعذيب ابراهيم غالي وجماعته ودماؤهم اطهر واغلى من تكون موضوع مقايضة بالنفط والغاز.
الى حين انتهاء هذه اللعبة ..يظل الموقف الرسمي المغربي مشرفا …وتعبئة الحركة الحقوقية المغربية باسبانيا وفي اقاليمنا الجنوبية مدعاة للاعتزاز.
عذراً التعليقات مغلقة