المعركة
صبري الحو*
القرار الأمريكي باعترافها بسيادة المغرب على الصحراء؛ هو نقلة نوعية في مسار الملف السياسي والقانوني. فامريكا هي صانعة التاريخ المعاصر والفاعل الأساسي فيه على جميع الأصعدة، بدءا بالجغرافية عبر المساهمة في تحرير البلدان الأوروبية، ثم الاعمار، والاقتصاد والأمن والسياسة.ا
وإن اقرار واعتراف أمريكا بمغربية الصحراء ليس رد جميل على سابق اعتراف المغرب بها، وليس تغليب للمغرب ومناصرة له، وليس خدمة بثمن. فأمريكا تكشف فقط عن واقع الجغرافيا، التي تنطق بمغربيتها وحقيقة التاريخ الذي يزخر بشهادات على أنها جزء من التراب المغربي، و مقتضيات القانون الذي حكم لها بأنها نطاق اقليمي مغربي خالص.
أولا: الاعلان الأمريكي بمغربية الصحراء له حجية نهائية في القانون الأمريكي:
نعم نجحت الديبلوماسية الملكية في استصدار شهادة واعلان أمريكي بمغربية الصحراء، اعلان من رئيس أمريكي، فامريكا نظام رئاسي، وتحتل فيه الرئاسة الاتحاد اعلى قمة في صناعة القرار السياسي واتخاذه. بحيث تخضع لها كل الأجهزة ولا تناقشه. فالقرار له حجية وصدقية نهائية.
وبعد هذا الاعلان المرافق لخطوة عملية على الأرض بفتح القنصلية الأمريكية في الداخلة، فان السؤال الآن مركز على كيفية استثمار المغرب لهذا التحول والنقلة النوعية إلى حسم نهائي على مستوى الملف برمته، وبكافة جزئياته وتفاصيله.
ثانيا: الإعلان الأمريكي بسيادته على الصحراء حصانة للحقوق المغربية داخل مجلس الأمن، وبداية تكوين اجماع دولي.
فمغربية الصحراء تعززت باعلان من طرف دولة عظمى تتمتع بحق النقض من داخل مجلس الأمن، وهو ما يوفر حماية للحقوق المغربية في هذا الإطار على مستوى هذا الجهاز الدولي الآلية التقريرية والتنفيذية الأممية بمثابة حكومة عالمية.
ثالتا: الاعلان الأمريكي بداية النهاية لتكوين قناعة واجماع دولي بمغربية الصحراء
فالقرار والاعلان الأمريكي يعتبر بداية لتكوين قناعة واجماع دولي كما في مجلس الأمن بهذه الحقيقة، ووضع نهاية للملف بالأمم المتحدة، عبر اصدار قرار نهائي من مجلس الأمن بتسمية نعوته بالحل السياسي الواقعي والعملي الذي يضمن التنمية والأمن والاستقرار، والتصريح أن الصحراء مغربية، ومن الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الاقليم محدد وضعه النهائي من ذي قبل في اطار مغربيته.
رابعا: الاعلان الأمريكي اعطى صدقية لفهم المغرب لقرار محكمة العدل الدولية، وصحح مغالطات سوء التأويل.
رافق صدور قرار محكمة العدل الدولية بوجود روابط قانونية مع المغرب سوء تأويل كبير ساهم فيه قضاة نفس المحكمة الذي خاضوا خروجا عن أركان وشروط الحفاظ على مبدأ الحياد بخوضهم في امور السيادة التي لم تطلب منها من طرف الأطراف موريتانيا والمغرب والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وان القرار والاعلان الأمريكي يعطي صدقية للموقف المغربي بكون حكم المحكمة لصالحه، ويضع حدا للتفسير الخاطئ من طرف خصوم المغرب، ولأي استعمال مشبوه بهذا الخصوص.
خامسا: الاعلان الأمريكي يجعل الاعتداء على سيادته عدوان ويمنح الشرعية للمغرب لرده بالقوة
ويضع القرار ايضا حدا لتبرير اي اعتداء على سيادة المغرب بحيث سيكون ذلك عدوانا، يجعل المغرب حر في مواجهته بالأسلوب الذي يقدره يفي بغرض الدفاع عن نفسه، سواء باللجوء الى مجلس الأمن، او في اطار شرعيته في الدفاع عن النفس.
سادسا: الاعتراف الأمريكي يحمل الحزائر مسؤولية اعتداءات البوليساريو على المغرب
وسيغير هذا الاعلان التاريخي من طبيعة أي اعتداء من طرف ميليشيات البوليساريو ، بخيثدسينتج عنه الدعوة الى اعتبارها منظمة ارهابية، او ادانة الجزائر في اطار الاتفاقية الدولية باستعمال المرتزقة للاعتداء على سيادة الدولة المغربية.
سابعاً: الاعلان الأمريكي يحصر الحل مركزا فقط على عودة سكان مخيمات في اطار حلول اللجوء.
وبعد هذا الاعلان، ينحصر الحل في نزاع الصحراء على مسألة عودة سكان المخيمات المغاربة الى المغرب في اطار صيغ الحل الحصرية التي تقرها اتفاقية جنيف 1951، بالعودة في اطار اختصاص حصري لمفوضية غوث اللاجئين الأممية من داهل برنامج أممي محض يتناول الترتيبات الزمنية والمساعدة المادية للمغرب لاستقبالهم.
ثامنا: الاعلان الأمريكي بمغربية الصحراء يفرض التزام قانوني وسياسي على الأمم المتحدة في مواجهة الجزائر؛
و يفرض القرار الأمريكي ضرورة للتدخل الأممي في اطار مجلس الأمن لفرض ضمان تنفيذ الجزائر باقي الحلول لمن اختار منهم أن يستمر جزائريا مادام الجميع قد اكتسب هذا الحق في اطار مبدأ الاقامة لمدة سبع سنوات التي يطلبها القانون الوطني الجزائري، او بالولادة انسجاما مع التزاماتها القانونية في اطار القانون الدولي، والسياسية باعتبارها معنية بالنزاع باعترافها الأخير.
تاسعاً: اغلاق المغرب لمنفذ الكركرات يفرض على الحزائر المبادرة بالحل في اطار تفاهمات حصرية مع المغرب.
أما على مستوى علاقات المغرب بجواره، فانني اتكهن استمرار الجزائر في تعنتها لميسرة من الزمن، فالمغرب باغلاقة لمنفذ الكركرات على الأطلسي وضع حدا ونهاية لكل أمل وطمع جزائري من باب البوليساريو، وحكم عليها المغرب بحتمية المرور عبره في اطار تفاهمات سياسية واقتصادية.
ويزيد كنا يفاقم القرار الأمريكي من شدة الضغوط على الجزائر الى اعلى مستوياته، ويفرض عليها حلا واحدا؛ هو التفاوض المباشر مع المغرب والتعاون لتسوية نهائية تحفظ ماء وجهها بعد ان خسرت كل الأوراق، ولا حرج لها في ذلك، فقد سبق لها ان اقرت بعدم ادعائها اي حقوق في الصحراء، وانها مغربية.
عاشراً: القرار الأمريكي بمغربية الصحراء يرفع الحرج على موريتانيا وتحتاج وقتا لاستيعاب داخلي.
ويختلف الأمر كثيرا مع موريتانيا التي اعلنت الحياد وتحملت عناء الحفاظ عليها، وشقاء بحثها المستمر عن نقطة وحدود التوازن مع جيرانها المغرب والجزائر. وان القرار الأمريكي سيحررها من الحرج لكن ذلك لن يكون آليا وبسرعة، فالأمور على المستوى الداخلي الاجتماعي مركبة ومتداخلة ومعقدة، وتحتاج مهلة لتيسير السيطرة عليها وفكها.
على سبيل الختم:
القرار الأمريكي بشرعية سيادة المغرب على اقليم الصحراء يكشف على شرعية حقوق المغرب ، ويكشف في نفس الوقت ان المغرب قوة جذب وتنافس دولي، وان سياسة حزم المغرب، وانفتاحه على تنوع شركاء المغرب وخطته الجديدة في افريقيا اعطت عائدا سياسيا سريعا و هائلا، يجعل ثقلا وتحديا أكبر على المغرب من اجل الاستمرار والحفاظ عليه، وبذل مزيد من الحيطة والحذر تفاديا للوقوع في شراك المؤامرات جعله مجال صراع دولي، وتفاديا للوقوع في فخاخ تربصات الخصوم.
*محامي بمكناس
خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء
عذراً التعليقات مغلقة