ضجيج القفة

1 مايو 2021
ضجيج القفة

ضجيج القفة

بقلم: رشيد الحموني

لا داعي ان ننفخ في قربة مثقوبة ونعلم جيدا لن تمتلئ لا بالهواء ولا بالماء. فالقربة المخرومة لا تؤذي ولا تبلل إلا صاحبها، وربما جاء الوقت كي نتوقف عن النفخ ونقرر «هل من أمل في ترقيع الثقب؟» أو«هل نستطيع تغيير القربة؟» هذا ما جسدته بوضوح القفف الاحسانية لمنظمة تابعة لحزب وما خلفته من تطاحنات وصراعات بيزنطية حوّلت الفضاءات السياسية إلى خيمة سيرك كبيرة.
ولعل ما يقول المثل الشعبي “المندبة كبيرة والميت فأر” ينطبق على هذا الوضع الذي أجج صراع الأحزاب وعمل على تفخيخ المشهد السياسي وتفريخه بمواضيع جانبية لا تستحق أن تكون حدثا ولا حتى موضوع التجاذبات والقصف.
أكثر من ذلك إن تمييع انتقادات القفة أظهرت بالملموس أن الممارسة السياسية باتت تؤطرها صراعات سياسية لاعقلانية تتميز بنزعة هجومية وشعبوية ستكون نتائجها وخيمة على العملية الديمقراطية.
في هذا الوضع لا يمكن الاستمرار في العزف على سمفونية نشاز حول القفف الانتخابية والاستمرار في تحويل السياسة إلى ستار للتفاهات ومسرح للفرجة. فالعملية الديمقراطية لن تموت بسبب القفة والسياسة لن تفنى بسببها، بل بسبب الابتذال والإفراط في التفاهة التي ستحول العمل السياسي والمشهد السياسي إلى جزء من السخافة وإلى خلق وعي زائف بالقضايا الأساسية لدى المواطنين.
والأدهى من ذلك أن الأمر وصل بالسياسيين إلى مستوى الانجرار إلى سجال عقيم وجدل غير مجدي، فالسياسي عليه أن يفكر بوعي وألا يضيع وقته وفكره في أشياء ثانوية لا تخدمنا ولا تخدم الشأن السياسي وإلا سنكون مساهمين في تدني المستوى الثقافي وفي تدني الفكر السياسي بمفهومه الصحيح أحزابا ومناخا ورموزا والذي يريد ان يعرف الحقيقة عليه ان يراجع قائمة الأحزاب وماذا بقي منها.
لهذا علينا أن نحذر أنفسنا أكثر مما مضى من تراكمات الخطابات الشعبوية منذ سنين ومدى تأثيرها في المستقبل، لأنه إذا ما تحجرت الشعوبية وتقوقعت في الخطاب السياسي سنفقد رؤية لفهم ما يجري حولنا من تطورات محلية وعالمية وستختفي المضامين السياسية العميقة ونصير قيادات بلا قواعد.
اليوم نحن مطالبون بأن نمارس السياسة بكل موضوعية دقيقة وتحليل عقلاني ما دمنا نؤمن بالتغيير الإيجابي مثلما نؤمن بالتضامن الاجتماعي الذي يقوم بأدوار طلائعية بين الأسر ذلك العمل التضامني المؤطر بقوانين والبعيد كل البعد عن أي توظيف مشبوه وعن الممارسات الفاسدة وبدون استغلال الفقراء والطبقة الهشة.
ورغم ذلك سنظل كلنا على أمل أنه سيأتي يوما ترضخ فيه الحكومة لإرادة الشعب و سنبقى نردد أبيات الحرية لأبي قاسم الشابي: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

    موافق