عادل الزبيري:
لا يزال العمل التواصلي الحكومي، في المغرب محط نقاش، أراه شخصيا إيجابيا، بما تراكم فيه من كل ألوان الطيف، أي الإيجابي والسلبي.
يمكن للناطق الرسمي الجديد باسم الحكومة المغربية أن يتجاوز مشكورا دهشة البداية، ويبني على ما تراكم سابقا، ويطور تمرينا تواصليا أسبوعيا، بمنطق رابح رابح مع الصحافيين المهنيين، لما فيه صالح الخدمة الإخبارية، والحق الدستوري في الوصول إلى المعلومة.
وأما إذا رغب السيد الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أن يلغي الموعد التواصلي الأسبوعي الحكومي، فذلك قرار أحترمه شخصيا، ولكنني سأعتبره قرارا خاطئا تواصليا، ولو أنني أستبعده نهائيا.
فجرت الندوة الصحافية الأسبوعية الأولى، لوزير الثقافة والشباب والرياضة، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، حسابات صحافيين مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، بتعليقات أجمعت على أن الأمر، أي التمرين التواصلي، ما كان موفقا.
أعتبر أن كل ردود الفعل المسجلة، في كل الاتجاهات إيجابية، لأنها تعكس وجود اهتمام من الجسد الصحافي المغربي، أو جانبا منه، حيال عملية تواصلية أسبوعية حكومية، هي الوحيدة المتبقية كنافذة تواصلية للحكومة، أمام الرأي العام المغربي، بشكل ممنهج ومنظم.
ولا أقدم هنا أي مقترحات للوزير الناطق الرسمي الجديد، باسم الحكومة المغربية، لأن لديه فريق عمل يمكنه إنتاج ندوات صحافية ناجحة أسبوعيا، بما توافر له من أخبار ومعلومات.
وبكل روح رياضية، ألفت انتباه الوزير المغربي المحترم، إلى أن الصحافيين ليسوا طلبة جامعيين، وهو ليس في مدرج جامعي، وأمامه يحضر جمع من خيرة الصحافيين للمهنيين المغاربة، جاؤوا سائلين للوزير المغربي عن قضايا المغرب.
كما لا يفوتني توجيه الدعوة إلى كل أعضاء الحكومة المغربية، كل حسب قدراته، إلى الاهتمام أكثر بالتواصل، بعيدا عن إرسال بيان صحافي، أو طلب قنوات القطب الإعلامي العمومي ووكالة الأنباء المغربية للتغطية الكلاسيكية.
ففي المغرب أشياء جميلة، وأشياء يجري إنجازها، تستحق أن يطلع عليها المغاربة، لأن هذا بلدهم، وباقي العالم.
وأقول رجاء لكل المكلفين بالتواصل، حاولوا الاجتهاد قدر الإمكان، في شد انتباه الصحافيين المهنيين، خارج المؤتمرات في مراكش، والندوات التقليدية التي يرأسها الوزير، ورجاء ساعدوا الصحافي المهني، ببيانات صحافية بلغة إعلامية تبتعد عن التعابير التقنية.
ففي يومياتي المهنية، أحضر لقاءات ولقاءات: ندوات صحافية وندوات فكرية ونقاشات، ولا أحد يسألني عن الإدلاء ببطاقة الصحافة في المغرب، يطلبون أن أترك لهم معلوماتي، في ورقة تسجيل الحضور مفتوحة غالبا أمام الجميع.
ويبقى ما يهم موظف التواصل، لأنني لا أجد إلا نادرا خبيرا أو متخصصا في التواصل، هو بريدي الالكتروني وهاتفي واسم المؤسسة الإعلامية الصحافية.
ففي الندوة الصحافية الأسبوعية للوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، لا يزال الإدلاء ببطاقة الصحافة المهنية غير ضروري، ولا حتى اختياريا، ولا يوجد في ورقة الدخول أي ورقة تسجيل الحاضرين، مكان لكتابة رقم بطاقة الصحافة المغربية، فلا أحد يسأل الداخل إلى القاعة، إذا كان حاملا لصفة مهنية، أم حاملا فقط لمعدات تقنية.
أعتقد أن المغرب، راكم في الاتجاه الإيجابي “دروسا متقدمة”، في سياقاته الإقليمية والقارية، إلا أن الإعلام لا يزال في تقيديري، في حاجة لدفعة قوية مغربيا؛ عبر نقلة مهنية غير مسبوقة، لتحقيق “الأمن الإعلامي”: عبر خدمة تلفزيونية مغربية حكومية رسمية، ذات مصداقية وقادرة على إقناع الرأي العام المغربي والدولي.
ففي زمن هيمنة الصورة ومواقع التواصل الاجتماعي، لا يزال الخبر مغربيا يعالج بطريقة أثبتت محدوديتها، لأن الإعلام شأن مجتمعي، والكل يحاول التواري وراء الحفاظ على المنصب، والوضع القائم، فيما رهانات العقد الثالث من حكم العاهل المغربي محمد السادس، والجيل الثالث المرتقب من الإصلاحات؛ تتطلب إعلاما مغربيا أكثر مهنية وتنظيما، وذا مصداقية، وينهج الممارسات الفضلى في الصحافة.
فلم يعد مقبولا أن كل هذا الإعلام العمومي أو الحكومي يقدم نفس الرسالة الإعلامية، بنفس الطريقة التي يغلب عليها البناء الإنشائي، إلا في حالات قليلة، ويمكن أن أكون مخطأ في قرائتي.
ففي غياب لأي اجتهاد على مستوى زوايا المعالجة، وتعددية الآراء، في الغالب في الإعلام المغربي العمومي الحكومي،
ما يجعل قضايا كثيرة تناقش في منصات دولية أو في مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي.
أومن أن قضايا المغاربة، يجب أن تناقش في إعلامهم المغربي أولا.
أتابع بقلق دائما هذا الانفجار العددي، في مواقع ضخ المحتوى، في مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها في غالبيتها ليست مواقع إخبارية، لأن أغلبها لا يعالج خبرا، بل يقتصر على النسخ واللصق والنشر، وتسجيل لمقاطع صورية أو تصريحات، قبل بثها على حسابات المؤسسة، على كل مواقع التواصل الاجتماعي.
فيعتقد أصحاب مواقع ضخ المحتوى في المغرب، أنهم اخترعوا صحافة جديدة، يسمونها بالصحافة الإلكترونية، وهذه معلومة ليست صحيحة، فالصحافة باقية في قواعدها الكبرى، كما أسسها الأولون، ولكنها تتطور في منصات البث وفي سرعة النقل، وتبقى البهارات المهنية لا تتغير.
فالضاخون للمحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي، زادوا من يأس المغاربة، عبر تسليط أضواء مصوراتهم على كل ما هو يأس اجتماعي، وحالات إنسانية يائسة، وإعطاء الكلمة لمطارد الساحرات وبائع النقانق ومفسر الأحلام واللائحة طويلة جدا.
فعندما تشاهد ما يسوق له الضاخون للمحتوى، تجد أنهم يرسمون صورة من يأس، لكل المغاربة لهذا الوطن الجميل المغرب.
في النسخة المعدلة والمهيكلة والمقلصة لحكومة سعد الدين العثماني، الحاجة كبيرة إلى جرعة مفرطة في التواصل، بأساليب جديدة، اعتمادا على كفاءات تواصلية مغربية قادرة على مد جسور الثقة مع الصحافيين.
وبكل موضوعية، أعترف بوجود نساء ورجال تواصل في مؤسسات حكومية وغير حكومية، ناجحين تواصليا مغربيا، يساعدون الصحافي المهني بشكل محترم جدا.
لا يهدد الأمن الإعلامي المغربي إلا هذه الفوضى غير الخلاقة، لمن يضخون محتوى في مواقع التواصل الاجتماعي، لأنهم عمليا ومهنيا ليسوا صحافيين.
كما أن المشهد مقلق أيضا لكل مراقب عقلاني، جراء استمرار إعلام مغربي رسمي حكومي عمومي كلاسيكي جدا، وصحافة مكتوبة تموت ببطئ جراء تراجع المبيعات، وشرائح مغربية تستهلك ما يجري تداوله على تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي على أنه محتوى إخباري.
عذراً التعليقات مغلقة