عيدودي يكتب : ترامب والعرب والأفق المشترك (إتفاق أبراهم أنموذجا )

15 فبراير 2025
عيدودي يكتب : ترامب والعرب والأفق المشترك (إتفاق أبراهم أنموذجا )

المعركة

ترامب والعرب والأفق المشترك
(إتفاق أبراهم أنموذجا )*

.. بعودته إلى البيت الأبيض أعاد النقاش من جديد لصفقة القرن ، و مستقبل الدول العربية في الشرق الأوسط ،و اتفاق أبراهام ، و تموقع إسرائيل من جديد في مشهد دولي متحرك ، و صعب وشائك ، أحداث متسارعة ، حرب ، اغتيالات ، إحصاءات ، دمار ، و تسارع أكثر قبل و مع وصل ترامب لمكتبه بالبيت الأبيض .
صعب تناول كل هذه الأحداث في مقالة واحدة ، لكن ما لا يدرك كله لا يتركه جله، وعليه سنتناول بالنقاش و التحليل موضوع الأفق المشترك بين ترامب و الدول العربية من خلال اتفاق أبراهام .
فما هو اتفاق أبراهام ؟ و ماهي أهداف اتفاق أبراهام ؟ و ما هي التحديات التي تواجه هذا الإتفاق ؟ و ما هو الأفق الممكن للتعايش المشترك بين العرب و ترامب و إسرائيل ؟ (و عندما نقول ترامب فإننا نقصد بذلك دولة الولايات المتحدة الأمريكية من 2025 إلى 2029.)

أولا : ماذا نعني باتفاق أبراهام :

اتفاق أبراهام هو سلسلة من الاتفاقيات الثنائية التي تهدف لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، التي تم توقيعها برعاية الولايات المتحدة.
و سميت بأبراهام نسبة إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام الأب الأول للمسلمين ، و هو أول من أسس منهج العقلانية و البحث و التسائل عن الخقائق المحركة للأشياء ، و يعتبر شخصية محورية في الديانات السماوية الثلاث : اليهودية والمسيحية والإسلام.
تم توقيع الاتفاقيات الأولى بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين في 15 سبتمبر 2020 في البيت الأبيض، تلتها اتفاقيات مع السودان والمغرب ، فما هي أهداف هذا الإتفاق ؟ .

ثانيا : ما هي أهداف اتفاق أبرهام

1 – يهدف الاتفاق إلى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين إسرائيل والدول العربية الموقعة، بما في ذلك تبادل السفارات وتعزيز التعاون في مجالات مثل التجارة والاستثمار والطاقة والسياحة. كما تسعى هذه الاتفاقيات إلى تشكيل تحالف إقليمي لمواجهة التهديدات المشتركة، خاصة من إيران، وتعزيز التعاون الأمني والعسكري بين الدول الموقعة.

2 – أدى الاتفاق إلى تأجيل خطط إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية، حيث قدمت الإمارات تطبيع العلاقات كبديل للضم.
كما يسعى إلى تشجع التعاون الاقتصادي بين الدول الموقعة، بما في ذلك اتفاقيات تجارية واستثمارية كبيرة، خاصة بين إسرائيل والإمارات، والتي شهدت تبادلات تجارية بقيمة مليارات الدولارات.

3- و يبقى أحد الأهداف الرئيسية للاتفاق هو تجاوز الجمود في القضية الفلسطينية، حيث تم التركيز على المصالح المشتركة بين الدول العربية وإسرائيل دون انتظار حل للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي.
تعزيز دور الولايات المتحدة في المنطقة . إذ تعتبر الاتفاقيات إنجازًا دبلوماسيًا للولايات المتحدة، حيث سعت إلى تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط من خلال تشكيل تحالفات إقليمية تدعم مصالحها الاستراتيجية.
و يشمل الاتفاق أيضا تعزي التعاون أيضا في مجالات مثل التعليم والثقافة والعلوم، حيث تم إطلاق برامج لتبادل الطلاب وتعزيز التفاهم بين الشعوب.

ثالثا : ما هي التحديات التي تواجه هذا الاتفاق :
سأتناول هذه التحديات في نفاذتين منفصلتين عن بعضهما البعض

النقطة الأولى :إهمال القضية الفلسطينية

أكبر تحدي في نظر الجهة الرافضة لهذا الاتفاق هو إهمال القضية الفلسطينية ، فقد تعرض الاتفاف إلى لانتقادات بسبب إهمالها لحقوق الفلسطينيين وتجاهل مبدأ حل الدولتين، مما أثار غضب الفلسطينيين وبعض الدول العربية .. و هذا أمر غير صحيح ، و يبقى مجرد ادعاءات فارغة ، لكنها لقيت تجاوب ، وحضيت بمعارضة شعبية كبيرة ، سنحاول بسطها وتحليلها ، و الوقوف على أسبابها و مسبباتها الحقيقية في النقطة الثانية.

النقطة الثانية : معارضة شعبية بعدد من الدول العربية

واجهت اتفاق أبراهام معارضة شعبية واسعة داخل الدول الموقعة، خاصة في البحرين، حيث اعتبرتها قطاعات من المجتمع خيانة للقضية الفلسطينية، لكن الحقيقة أن هذا الاتفاق ليس في طياته أو بنوده أي خيانة ، فالقاريء له يحده أنه لم يتخلى على حل الدولتين ، و لم يتراجع عن حقوق الشعب الفلسطيني، بل المشكل الذي واجهه هذا الاتفاق هو غياب نخبة مثقفة قادرة لتنزيل هذا الفهم الصحيح لبنود الاتفاق لعموم الشعوب العربية ومناقشتها هذه الاطروحة التي تحمل شراكة واعدة للأمة العربية ، و تخرج الصراع العرب الإسرائلي من دائرة الحرب ، إلى دائرة التعايش المشترك اقتصاديا و اجتماعياً وسياسيا و ثقافيا ، كما كان الحال عليه في العهد النبوي و باقي العصور ، لا كما يصوره العقل الظلامي و العدمي اليوم للبعض من مغالطات و مزايدات سياسية لا أصل لها في الكتاب و السنة و أقوال أهل العلم .

رابعا : ما هو الأفق المشترك لهذا الاتفاق

اتفاق أبراهام يمثل تحولًا جذريًا في ديناميكيات العلاقات العربية-الإسرائيلية، مع تركيز على المصالح المشتركة و دمجها دون انتظار حل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. أو انهاء حقوق الشعب الفلسطيني و منها حق العودة و حق اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية .

ومع ذلك، فإن نجاحه على المدى الطويل يعتمد على تحقيق فوائد ملموسة للدول الموقعة وإدارة التحديات السياسية و الاجتماعية المرتبطة به ،و قدرت إسرائيل على قبول العيش المشترك جبنا إلى جنبا مع العرب كما كان يتعايش اجدادنا و اجدادهم في سالف الزمن.. و هو نفس الشرط الذي يحب أن تتحلى به الولايات المتحدة الأمريكية دون أن تتخلى عنه إسرائيل و الدول العربية جمعاء .
خاتمة. مؤطرة :
بعد صراع طويل و مرير في الحروب و المعارك المباشرة و الغير المباشرة بين العرب و إسرائيل .. لا أحد استفاد من هذه الحرب .. و نرى أجيال تضيع ، و أجيال تحشد بالحقد و النفاق المزدوج .. بسب أفكا ظلامية هدامة .. و مغالطات عدمية بئيسة . ضيعت منا قرن من الصراع كان حرينا بنا أن نبدل حربه بالسلم و المحبة ، و رصاصته بحبة قمح و سنبلة ، و لعنته برحمة و مودة .
يبدوا لي أن هذا ما يريده ترامب .. و يسعى إلى تنزيله مع جميع شعوب و دول العالم .. كأنه ينادي بصوت مرتفع نريد العيش المشترك .. نريد صفر رصاصة .. نريد صفر حرب .. نريد تبادل اقتصادي و استثمارات .. نريد تبادلات تجارية بمعادلة رابح رابح ..

و أختم بالقول : لقد حان الوقت لنعود إلى سؤال العقل و المنطق الذي طرحه أبو الأنبياء و الرسل إبراهيم عليه السلام .. و جدده نبينا محمد عليه الصلاة و السلام ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء …).

*بقلم الدكتور عيدودي عبدالبني

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

    موافق