المعركة
قراءة دستورية قانونية لقرار 179/22 القاضي بالغاء نتائج الانتخابات التشريعية برسم دائرة الحسيمة .
بقلم : عبد الحليم طالبي
باحث بسلك الدكتوراه جامعة محمد الخامس- سلا
لقد كان للانتقادات التي وجهت للمجلس الدستوري، بالغ الأثر على المشرع الدستوري، إضافة إلى هاجس بناء دولة الحق والقانون، الأمر الذي يجعله يرتقي بالمجلس الدستوري إلى محكمة دستورية، حيث ثم إحداث مستجدات على مستوى تكوين المحكمة، وكذلك على مستوى الاختصاصات.
لقد نص دستور 2011 في مادته السادسة على أن ” دستورية القواعد القانونية وتراتبيتها…مبادئ ملزمة…. ، الأمر الذي يجعل من مهمة هذه المحكمة أساسا تطبيق المبادئ دستورية، ويتجلى ذلك أيضا، من خلال الزخم المهم من المهام التي تضطلع بها هذه المحكمة وهي كالتالي:
• البت في صحة انتخاب أعضاء البرلمان.
• البت في عمليات الاستفتاء.
• البت في القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها.
• البت في الأنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، قبل الشروع في تطبيقها.
• للملك وكذلك لكل من رئيس الحكومة أو رئيس مجلس المستشارين، أن يحيلوا القوانين قبل إصدار الأمر بتنفيذها إلى المحكمة الدستورية.
• البت في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان، داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ إنقضاء أجل تقديم الطعون إليها.
بالإضافة إلى هذه الاختصاصات، أضاف الدستور الجديد بعض الاختصاصات الجديدة و هي:
• مراقبة الأنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية.
• مراقبة الالتزامات الدولية.
• الدفع بعدم دستورية قانون (الفصل 133) من الدستور المغربي لسنة 2011، أي النظر في الدفوعات المرتبطة بالنزاعات المعروضة على المحاكم.
• محاربة الترحال السياسي(الفصل61 ) من الدستور المغربي .
• مراقبة صحة إجراءات المراجعة الدستورية (الفصل 174).
لقد حدد القانون التنظيمي رقم 13/ 066 المتعلق بالمحكمة الدستورية، مجموعة من الأحكام العامة التي تنظم سيرها، بحيث ينص المشرع الدستوري في المادة 16 من القانون السابق الذكره، على أن المجلس يدعى للاجتماع برئاسة الرئيس، وفي حالة غيابه آو عاقه عائق، وجه أكبر الأعضاء سنا من بين أقدمهم عضوية بالمحكمة الدستورية، لقد حدد القانون دورية الدعوة للاجتماع ويتولى رئاستها في هذه الحالة.
وتبت في القضايا المعروضة عليها بعد الاستماع إلى تقرير عضو من أعضائها يتم تعيينه من طرف الرئيس .واعتبر المشرع الدستوري مداولات المحكمة الدستورية صحيحة، إذا حضرها 9 من أعضائها على الأقل.
وتتخذ قراراتها بأغلبية ثلتي الأعضاء الذين تتألف منهم، وبذلك يكون المشرع الدستوري، قد نحى منحى المشرع الفرنسي من ناحية اتخاذ القرارات . وإذا تعذر توفر النصاب المذكور بعد دورتين للتصويت وبعد المداولة، تكتسب القرارات قوتها بالأغلبية المطلقة لأعضائها، ويعتبر صوت الرئيس مرجحا في حالة تعادل الأصوات.
وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة الدستورية تصدر قراراتها باسم الملك وطبقا للقانون، أما شروط اتخاذ القرار بالمحكمة الدستورية، فقد نص المشرع على انه في كل قضية يتم تعيين عضو مقرر، مهمته إعداد تقرير بخصوص كل قضية، وبعد ذلك يقوم بدعوة المحكمة للاجتماع، ويتلو التقرير الذي قام بإعداده، ليتم مناقشته والتداول فيه، واتخاذ القرار، وذلك بأغلبية ثلتي الأعضاء، وهو النصاب الذي تم العمل به في المجلس السابق.
وحتى تكون قراراتها صحيحة يجب أن تتوفر فيها أربع مكونات بدون استثناء وهي :
1_الأساس القانوني: وهي المرتكزات الدستورية والقانونية والتي تخول للمحكمة الدستورية ممارسة اختصاصاتها.
2_الأساس الواقعي: وهي الوقائع الواردة في رسالة الإحالة.
3_تعليل القرار: وهو التبرير القانوني أي التكييف للوقائع بناءا على الدستور والقوانين الجاري بها العمل.
4_منطوق القرار: وهو جوهر القرار أي الخلاصة التي تصل إليها المحكمة.
إن عمل القاضي الدستوري يحيل إلى الطريقة المسطرية، التي يشتغل وفقها القاضي الدستوري في إنتاج القرارات الدستورية، و إلى مجموع الأدوات و التقنيات التي يوظفها، وهو بصدد فحص أو إحالة أو طعن دستوري أمامه، و تكون في شكل خطوات متبعة في التفكير، للوصول إلى تحديد العلاقة التي تربط بين الوثيقة الدستورية و مستعمليها لإثبات أو نفي العلاقة الدستورية، وهي العملية المسماة بالتأويل الدستوري، كممر ضروري في مسلسل إنتاج القرار الدستوري، و القاضي الدستوري يمارسها على واجهتين متقابلتين، مضمون الوثيقة الدستورية و محتوى القانون موضوع الفحص و المراقبة.
و بالمقابل فان المحكمة الدستورية بالمغرب تنتج صنفا واحدا من الأعمال القضائية وهي القرارات الدستورية ; التي يجيب بواسطتها إما عن إحالات قانونية عرضت أمامها لفحصها و البت قي مدى مطابقتها للدستور، او خصومات رفعت إليها، و إما طعن انتخابي بين مرشح راسب و منتخب فائز، او منازعات دستورية بين أقلية البرلمانية و الحكومة .
إن القرار الدستوري يكون مختلفا عن الحكم القضائي العادي، و تقود هذه الطبيعة الخاصة للقرار الدستوري، إلى التساؤل عن مراحل مسلسل إنتاجه، بدءا من العمل التحضيري الى الشكل النهائي .
إن القاضي الدستوري يشتغل في مجال المنازعات الانتخابية، حيث يتحول القاضي الدستوري في مجال الطعون الانتخابية، إلى قاضي عادي يكيف و يختار القاعدة الملائمة للحالة المعروضة أمامه، و المنازعة الانتخابية مجال يمارس فيه القاضي الدستوري تأويلا للوقائع و ليس للقانون، وذلك بلجوئه الى سرد وقائع النوازل، و ممارسة سلطته التقديرية الواسعة في تكييفها، برفض الطلب او عدم قبوله او إلغاء الاقتراع، ويتحول فيه القاضي الدستوري إلى قاضي عادي يفصل بين مرشح راسب و مرشح فائز.
ان المداولة في عمل المحاكم و المجالس الدستورية بصفة عامة، تمر عبر المراحل التالية :
انعقاد الجلسات أي النصاب القانوني للأعضاء .
تلاوة التقرير الدستوري .
مناقشة التعديلات و الإضافات .
التصويت (الأغلبية و الرأي المخالف و الرأي المخالف لا تأخذ به كل المجالس و المحاكم الدستورية .
ان المداولة في عمل المحاكم و المجالس الدستورية، تختلف اختلافا كبيرا كما هي في القضاء العادي، و ذلك لكون المداولة في المحاكم و المجالس الدستورية، هي تكون بين أشخاص معينين من طرف سلطات دستورية و سياسية، بالاضافة إلى هذا المعطى، فإن المداولة في المحاكم الدستورية، هي ذلك المجال الذي يتكون فيه القاضي الدستوري، حيث تشكل له الإطار من اجل التكوين و الالتقاء داخلها بمجموعة من التجارب المهنية (قضاة عاديون – محامون – أساتذة جامعيون ….).
إن القاضي الدستوري و أثناء فحصه للقوانين التنظيمية، و الأنظمة الداخلية للبرلمان، أو البت قي طعن دستوري، أو إنتخابي ينهج المراحل التالية :
1. فحص مسالة قبول الإحالة او الطعن .
2. التذكير بالقواعد المرجعية .
3. مراقبة المسطرة التشريعية في إحالات الأنظمة الداخلية للبرلمان او القوانين التنظيمية و العادية .
4. مراقبة في الجوهر للمقتضيات المحالة او المعروضة على القاضي الدستوري أو الاعتراضات و الدفوعات المضادة في حالات الطعن الدستوري او الانتخابي .
5. التذكير بالقواعد الدستورية المتعلقة بالإحالة او النازلة و استخراج التطبيقات الملائمة.
6. عرض النصوص الدستورية او التنظيمية و مقابلتها بالمقتضيات المحالة على القاضي الدستوري او الدفوعات المقدمة لقبول او عدم قبول المطابقة .
إن القرارات الدستورية الانتخابية، فهي شبيهة بالأحكام و القرارات القضائية، الصادرة عن المحاكم العادية ، لأنها تستند على البت في دفوعات الطاعنين عبر عرض للوقائع ، و القيام بتكييفها القانوني للإجابة على كل وسيلة او دفع على حدة ، و التصريح دون سابق إجراء تحقيق سابق، بعدم قبول عريضة الطعن لافتقادها الشروط الشكلية في المنازعة ، و إما برفض الطلب إذا لم تكن لها تأثير في نتائج الانتخاب.
و إذا قضت المحكمة الدستورية لفائدة الطاعن، إما أن تلغي الانتخاب المطعون فيه، او تصحيح النتائج التي أعلنتها لجنة الإحصاء، و الإعلان عند الاقتضاء المرشح الفائز .
ومن خلال الاضطلاع على القرار 179/22، فهو يعرض النصوص الدستورية أو التنظيمية، و مقابلتها بالمقتضيات المحالة على القاضي الدستوري، أو الدفوعات المقدمة للقبول أو عدم القبول .
و من تم وبناءا على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهيـر الشريـف رقـم 91.11.1 بتاريـخ 27 من شعبان 1432( 29 يوليو 2011). و القانون التنظيمي رقم 13.066 المتعلق بالمحكمة الدستورية، والقانون التنظيمي رقم 11.27 المتعلق بمجلس النواب كما وقع تغييره وتتميمه04.21 ، و على المرسوم بقانون رقم 292.20.2، وعلى المرسوم رقم 669.16.2 المتعلق بتحديد الأماكن الخاصة بتعليق الإعلانات الانتخابية بمناسبة الانتخابات العامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب.
فيما يخص الطعن الموجه ضد السيدين نور الدين مضيان ومحمد الاعرج، يتضح أن القرار أشار ، إلا عدم التقيد بضوابط الحملة الانتخابية، التي تم سنها من قبل السلطات العمومية، في إطار إنفاذ المرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، إلى جانب إقامة تجمعات انتخابية دون ترخيص، ودون احترام لمتطلبات التباعد الاجتماعي، والوقاية المتخذة في إطار محاربة وباء كورونا.
و بالرجوع الى مرسوم بقانون، و الذي ينص المادة الثالثة الفقرة الثالثة “على الرغم من جميع الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، تقوم الحكومة خلال فترة إعلان حالة الطوارئ، باتخاذ جميع التدابير اللازمة التي تقتضيها هذه الحالة، وذلك بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير، من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض، وتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية حياة الأشخاص وضمان سالمتهم ”
يسري مفعولها تبعا لذلك، على الاجتماعات العمومية المنظمة خلال فترة الحملة الانتخابية، استثناء من التشريع الجاري به العمل، في شأن التجمعات العمومية الذي تحيل عليه الفقرة الثانية من المادة 31 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب حالة الطوارئ الصحية، كانت سارية المفعول بسائر أرجاء التراب الوطني إبان الحملة الانتخابية، التي جرت برسم الاقتراع موضوع الطعن، وذلك بمقتضى المرسوم رقم21.643 .2 إنفاذا لمقتضيات المرسوم بقانون المشار إليه أصدرت وزارة الداخلية في 23 و24 أغسطس 2021 دوريتين موجهتين إلى السادة الولاة والعمال، تضمنتا إجراءات تتعلق بتنظيم الحملة الانتخابية في إطار التدابير الاحترازية المرتبطة بالحد من تفشي الوباء، نصتا، على عدم تجاوز التجمعات والأنشطة في الفضاءات المغلقة والمفتوحة أكثر من 25 شخصا، مع إلزامية الحصول على ترخيص من لدن السلطات المحلية في حالة تجاوز هذا العدد، وعدم السماح بتنظيم التجمعات الانتخابية في الفضاءات المفتوحة، التي تعرف حركية مكثفة، واكتظاظا يصعب معه فرض احترام التدابير الاحترازية، وضوابط أخرى تتعلق بالجولات الميدانية، بالسيارات أو سيرا على الأقدام وبتوزيع المنشورات، مع إلزامية ارتداء الكمامة، واحترام التباعد الاجتماعي، في كل الأنشطة المرتبطة بالحملة الانتخابية.
ان الطاعن أدلى تعزيزا لمأخذه، بمستندات مضمنة في مفتاح ذاكرة خارجية، تضمنت صورا ومستخرجات نشرت على حساب المطعون، في انتخابه الأول والمرتبة ثانيا في لائحة ترشيحه، على إحدى وسائل التواصل االجتماعي ، تظهر مشاركتهما في تجمعات ومسيرات إنتخابية متعددة، انتفى فيها أي مظهر من مظاهر التقيد بالضوابط المذكورة، و الطاعن تضمن أيضا شريط فيديو يظهر فيه المطعون في انتخابه الرابع، متصدرا لموكب انتخابي لم يتم فيه كذلك، التقيد بالضوابط الاحترازية المشار إليها، مما أدى إلى ارتكاب المخالفة و المساس بالمساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين.
مما أخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين المترشحين، سيما وأن الطاعن أقدم خلال الحملة الانتخابية، على نشر إعلان بصفحته على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، يدعو فيه أعضاء الحزب، الذي ترشح باسمه إلى تعليق كافة الأنشطة الدعائية العمومية، تجنبا لتفشي وباء كوفيد-19.
وحيث إن هذه المخالفة الثابتة تشكل إخلالا بيناً بين المترشحين، مما يتعين معه التصريح بإلغاء انتخاب السيدين، نور الدين مضيان ومحمد الأعرج، عضوين بمجلس النواب؛ ودون حاجة للبت في باقي المآخذ المثارة.
وبالتالي فإن القرار الدستوري إستند على البت في دفوعات الطاعنين عبر عرض للوقائع ، و القيام بتكييفها القانوني للإجابة على كل وسيلة او دفع على حدة، و بالتالي فإن القاضي الدستوري عندما يشتغل في مجال المنازعات الانتخابية، يتحول من القاضي الدستوري في مجال الطعون الانتخابية إلى قاضي عادي يكيف و يختار القاعدة الملائمة للحالة المعروضة أمامه.
إن المنازعة الانتخابية مجال يمارس فيه القاضي الدستوري، تأويلا للوقائع و ليس للقانون، وذلك بلجوئه الى سرد وقائع النوازل، و ممارسة سلطته التقديرية الواسعة في تكييفها برفض الطلب، أو عدم قبوله أو إلغاء الاقتراع، ويتحول فيه القاضي الدستوري إلى قاضي عادي، يفصل بين مرشح راسب و مرشح فائز، ومن تم انتهى إلى الغاء انتخاب السيدين نور الدين مضيان ومحمد الأعرج، عضوين بمجلس النواب.
أما فيما يخص الطعن الموجه ضد السيدين بوطاهر البوطاهري، ومحمد الحموتي بشأن المأخذ المتعلق بالحملة الانتخابية، أن المطعون في انتخابهما اعتمدا في حملتهما الانتخابية، صورهما المنفردة دون باقي المترشحين في لوائحهما الانتخابية، الأمر الذي ينطوي على غش وتحايل على الناخبين وعدم تمكينهم من معرفة ترتيب المترشحين في كل لائحة.
المادة الأولى من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، تنص على أن أعضاءه ” ينتخبون بالاقتراع العام المباشر عن طريق الاقتراع باللائحة ” و النمط من الاقتراع يستوجب، بالنظر لطبيعته ومراعاة لشفافيته وصدقيته، أن يتعرف الناخبون على صور جميع المترشحين والبيانات المتعلقة بهم، مادامت أصواتهم تحتسب لفائدة اللائحة في كليتها.
و المادة 23 من القانون التنظيمي المذكور، نصت على أنه يجب أن ” تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح عددا من الأسماء يعادل عدد المقاعد الواجب شغلها “، فإن هذا الشرط الخاص بمرحلة الترشيح، يمتد كذلك إلى الإعلانات الانتخابية، التي يجب ألا تخفي أسماء بعض المترشحين في اللائحة المعنية، مما لا يسمح للناخبين التعرف عليهم جميعا.
المادة الرابعة من المرسوم 2.16.669 المتعلق بتحديد الأماكن الخاصة بتعليق الإعلانات الانتخابية بمناسبة الانتخابات العامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب، تقضي بأن ” تتضمن الإعلانات الانتخابية التي يجوز لوكلاء لوائح الترشيح أو المترشحين تعليقها البيانات التالية كلا أو بعضا: البيانات التي تعرف بالمترشحين أو ببرامجهم الانتخابية، أو إنجازاتهم، أوبرامج الأحزاب السياسية التي ينتسبون إليها، صور المترشحين، الرمز الانتخابي، شعار الحملة الانتخابية، الاخبار بانعقاد الاجتماعات الانتخابية”.
وحيث إن المطعون في انتخابه السيد بوطاهر البوطاهري توصل بعريضة الطعن بتاريخ 29 أكتوبر 2021 ، ولم يدل بأي مذكرة جوابية، الأمر الذي تعتبره المحكمة الدستورية إقرارا ضمنيا من طرفه، بما تضمنته العريضة المذكورة من مأخذ.
وحيث إن المطعون في انتخابه السيد محمد الحموتي، أدلى بمذكرة جوابية خارج الأجل القانوني، استبعدتها هذه المحكمة لهذه العلة، ويبقى المأخذ قائما في حقه، ومن تم يتعين التصريح بإلغاء انتخاب السيدين بوطاهر البوطاهري، و محمد الحموتي عضوين بمجلس النواب، ودون حاجة للتعرض لباقي المآخذ المثارة.
ووبالتالي الدعوة الى اجراء انتخابات جديدة بالدائرة المذكورة عملا بأحكام المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب.
وحيث إن المادة 91 تنص على أن ” تباشر انتخابات جزئية لملء مقعد أو مقاعد شاغرة فى دائرة انتخابية محلية أو دائرة انتخابية جهوية في الحالات التالية :
• إذا لم يتأت إجراء العمليات الانتخابية ……………….. أو لأي سبب آخر.
• إذا لم تحصل اللائحة الفريدة أو المترشح الفريد على عدد من الأصوات يعادل على الأقل خمس أصوات الناخبين المقيدين في لدائرة الانتخابية المعنية.
• إذا ألغيت نتائج ……………….
وبالتالي ومن خلال المادة 91، يلاحظ أنها لم تنص على أي مصطلح يسمى الانتخابات الجديدة، و أشارت بوضوح الى إجراء انتخابات جزئية، لملء مقعد أو مقاعد شاغرة فى دائرة إنتخابية محلية أو دائرة انتخابية جهوية، في الحالات السابق ذكرها.
بمعنى أنه و لو تم إلغاء جميع المقاعد بالدائرة الانتحابية محلية أو دائرة انتخابية جهوية، فسيتم إجراء انتخابات جزئية، إلا أن هذا المفهوم الجديد التي أشار اليه القرار الدستوري يكتنفه الغموض، ولو أن تأويله ينصرف إلى إعادة الانتخابات، إلى أن هذا المصطلح يطرح تفسيرا، حول مدى جدواه.
و هنا نرجع إلى لغة القرار الدستوري و بنيته و جودته من حيث الصياغة، و من أجل قياس الجودة في القرار الدستوري، فلا بد من الحديث عن اللغة المستعملة في القرار الدستوري، لكون اللغة ليست آلية من آليات التواصل بين القاضي الدستوري، و أطراف الإحالة أو الطعن، ولكن في طبيعة القرار الدستوري و مدى وضوحه بالنسبة للمتلقي، خارج علاقة القاضي الدستوري بأطراف الطعن او الإحالة .
ومن تم فان لغة القرار الدستوري تحتاج الى ضوابط للعبارة و التأويل و التحليل الدلالي للنصوص التشريعية، إضافة إلى التحرير السليم لكل حيثية من الحيثيات المضمنة في القرار الدستوري، الذي قد يصبح معقدا عن الفهم و التفسير في حالات التكرار، او الاستعمال المفرط و المزدوج لأدوات النفي او اعتماد عبارات و جمل غامضة ، من شانها ان لا تساعد على القراءة و الفهم .
بالاضافة الى وجود إشكالية أخرى تتمثل في ان القضاة الدستوريين، إما لهم تكوين لغوي فرنسي صرف، أو عربي صرف، مما يؤدي الى جعل القرار الدستوري أثناء ترجمته يفقده معناه الحقيقي .
ان اللغة في القرار الدستوري المغربي، تحتاج إلى التدقيق و الضبط في اختيار المصطلحات و العبارات، و خاصة في الحالات التي يلجا فيها القاضي الدستوري، إلى استعمال مفردات من خارج حقل القانون الدستوري، لتوضيح مقتضيات مرتبطة بمواد الوثيقة الدستورية نفسها ، او القوانين التنظيمية المكملة لها.
وصفوة القول إن القرار السالف الذكر و أثناء فحصه في مسالة قبول الطعن، التذكير بالقواعد المرجعية، و المراقبة في الجوهر للمقتضيات المحالة او المعروضة على القاضي الدستوري أو الاعتراضات و الدفوعات المضادة في الطعن الانتخابي لقبول او عدم قبول.
و من تم فقد نجد بعض القرارات تختلف على بعض القرارات الاخرى، كما هو الشأن في القرار 170/22، و التي قضت فيه بعدم قبول، و بالتالي فإن الطاعن لم يقدم بما فيه الكفاية الحجج الكافية، على أن المطعون في انتخابه، لم يلتزم بإجراءات الاحترازية ضد كوفيد 19، و من تم فان المحكمة الدستورية، أو القاضي الدستوري يمارس تأويلا للوقائع و ليس للقانون، وذلك بلجوئه الى سرد وقائع النوازل و ممارسة سلطته التقديرية الواسعة في تكييفها، برفض الطلب او عدم قبوله أو إلغاء الاقتراع، ويتحول فيه القاضي الدستوري الى قاضي عادي يفصل بين مرشح راسب و مرشح فائز.
المراجع
ذ.عبد الرحيم منار أسليمي “مناهج العمل الدستوري بالمغرب” دراسة سوسيوقضائية ” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية اكدال .
عبد الحليم طالبي ” القوانين التنظيمية في الهندسة الدستورية لدستور 2011 ” دراسة تحليلية قانونية وفق التشريعات المقارنة سنة 2017.
دستور المملكة 2011.
القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية 13/ 066 الصادر بتاريخ 13 غشت 2014.
ظهير شريف رقم 1.21.39 صادر في 8 رمضان 1442 21 أبريل 2021 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم04.21 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 ا لمتعلق بمجلس النواب.
المملكة المغربية المحكمة الدستورية ملف عدد 21 / 196 ، القرار رقم 22 / 17.
عذراً التعليقات مغلقة