وزراء خارج السياق !!!
بقلم: سعيد بنمعنان
إذا كان البرلمان معتكف على إخراج مدونة السلوك والأخلاقيات إلى حيز الوجود ، ومنخرط بجدية في هذا الورش الإصلاحي الدقيق، منذ الدعوة الملكية السامية بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس البرلمان المغربي إلى تخليق الحياة السياسية والبرلمانية عبر إقرار مدونة الأخلاقيات داخل المؤسسة التشريعية بغرفتيها، مسترشدا ( البرلمان ) في ذلك بالتوجيهات النيرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبمقتضيات الدستور ذات الصلة بتخليق الحياة العامة، كمدخل أساسي لخلق نقاش وطني فيما بعد يستوعب كل القوى الحية داخل المجتمع ، في أفق مراجعة المنظومة القانونية والتنظيمية المتعلقة بهذا الورش المهم، بما يضمن إعادة الثقة من طرف المواطنات والمواطنين في المؤسسة التشريعية والنخب البرلمانية والأحزاب السياسية ومختلف المؤسسات والمجالس والهيئات المرتبطة بتدبير الشأن العام في بعده الوطني، فإنه يبدو بأن بعض أعضاء الحكومة لم يستوعبوا بعد حجم التحديات والرهانات المنشودة للرقي بالعمل السياسي، كضرورة ملحة لإنضاج مسار النموذج الديمقراطي المغربي، وهو الأمر الذي تعكسه الزلات المتكررة والخرجات الفاشلة لبعض الوزراء عند كل محاولة تواصل مع الشعب بخصوص قضاياه الشائكة باللجوء إلى تصريحات مجانية تغيب عنها الحكمة والقيم المغربية الأصيلة القائمة على العفة والنزاهة، وتتناقض مع ما ينبغي أن يتحلى به المسؤول الحكومي، درءا لكل ما من شأنه أن يستفز المواطن المغربي ويخدش صورة الوطن ومؤسساته.
ففي الوقت الذي يعيش فيه المغاربة على أعصابهم بفعل تدهور الأوضاع الاجتماعية، ويحاولون التسلح بالصبر فى مواجهة أزمة الغلاء التي لم تغادر صغيرة ولا كبيرة من المواد الأساسية إلا وشملتها، وكلهم أمل في عودة المياه إلى مجاريها أمام موجة الجفاف و معركة البحث عن قطرة ماء لرواء العطش .. أمام كل هذه المؤشرات وغيرها كان دور الحكومة على الأقل أن تخرج عن صمتها المريب لنشر الطمأنينة في صفوف الشعب المغربي الذي يجدف وحده في بحر لا شط له من المشاكل والأزمات ، وفي ظل هذا الفراغ والعقم الحكومي على مستوى التواصل، يجد بعض الوزراء مجالا للخروج هنا وهناك بتصريحات وسلوكات غير مؤطرة بمنهجية التخليق والحكامة السياسية التي تطبع العلاقة بين الأخلاق والسياسة، مما يساهم في تعميق الهوة بين المسؤول والمواطن،وتأجيل نجاعة الدينامية المنتظرة في تخليق الحياة العامة لتجاوز الصورة النمطية للمسؤول الحكومي والفاعل السياسي ببلادنا،وتعزيز ثقة الرأي العام في جدوى المؤسسات الوطنية، تحصينا للتراكمات الجماعية التي تحققت على المستوى الدستوري والسياسي والبرلماني…
فهل لم يحن الأوان أمام هذا الوضع لرئيس الحكومة الذي تبوأ حزبه المرتبة الأولى بفضل أصوات المغاربة لاستعمال صلاحياته، ولجم بعض الأفواه الوزارية التي تصب الزيت فوق النار بتصريحات شاردة …
ألم يحن لرئيس الحكومة وهو الوطني الغيور على مصالح البلاد والعباد أن يستدعي المعنيين بالأمر واستفسارهم عن السقطات التي تمس صورة الوطن المحاط بالمتربصين به من كل الجهات..
ألم يفكر رئيس الحكومة في ضبط إيقاع وزرائه الذي يطرب كل شيء إلا أذن وقلوب المغاربة ..
وإذا كان لابد من الحسنة والصدقة على حساب أموال دافعي الضرائب وأصول الجزاء بعشر أمثالها ، فليحسنوا إلى الناس جميعا لعلهم يرحمون،ولينثروا الصدقة في اتجاه القبلة الصحيحة حتى لا يقال بأن مغربيا جاع في عهد حكومة الكفاءات.
عذراً التعليقات مغلقة