المغركة/وكالات
طرحت أنباء التجسس التي تشغل العالم حاليا عدة أسئلة حول درجة الأمان في الهواتف التي يستخدمها الرؤساء وأعضاء الحكومات والشخصيات الحاكمة، وإمكانية تعرضها لاختراق من أنظمة أخرى.
ويعتمد مستوى الأمان على الأجهزة المحمولة المستخدمة، وبعضها تشوبه عيوب، فالهواتف الموضوعة في متناول أعضاء السلطة التنفيذية ليست ذات تصميم خاص أو تتسم بسهولة استخدامها، وهذا ما يبرر ميل بعضهم إلى استخدام هواتفهم الشخصية لإجراء اتصالات لا يجب أن تمر من حيث المبدأً عبر قناة التواصل هذه، وفق ما قاله خبراء لوكالة “فرانس برس”.
ويوضح مصدر أمني أن إعدادات الأمان الخاصة بالهواتف “مقيدة لأقصى حد ممكن، كما أن تنزيل التطبيقات معطل وكذلك تحميلها عن بعد”.
ومن بين تلك الهواتف هاتف تيورام الذي تصنعه مجموعة تاليس الفرنسية للتكنولوجيا. ويسمح الجهاز الشديد الأمان المخصص للسلطات العليا، بتبادل المعلومات السرية حتى على مستوى الأسرار الدفاعية.
ويوضح متحدّث باسم الشركة الفرنسية المصنّعة لـ”فرانس برس”: “يضمن تيورام سريّة وأمن الاتصالات الصوتية والرسائل النصية القصيرة بفضل نظام تشفير على مستوى الجهاز الصلب والبرمجيات”.
وتوفّر الشركة هواتف للسلطات الفرنسية منذ العام 2012، وتوجد قرابة خمسة آلاف جهاز حالياً قيد الاستخدام، وفق المصدر ذاته.
يستخدم الوزراء في فرنسا، بالنسبة للمعلومات المصنّفة على أنها أسرار دفاعية، أجهزة تيورام من تاليس، بينما يتم استخدام هواتف اعتيادية أكثر للتداول بشؤون الدولة اليومية.
ويوضح الخبير في الأمن الرقمي لدى شركة الاستشارات “وايفستون” جيروم بيلوا، أنّه قبل كل اجتماع، يتعين على الرئيس والوزراء ترك هواتفهم في صناديق محددة تتيح عزل الصوت وحجب الشبكة.
ويقول رئيس مجموعة “لنعمل معاً” أوليفييه بيشت، وهو في أساس مهمة برلمانية حول رقمنة الجيش: “إذا كنت تود خوض مناقشة سريّة، عليك أن تضع هاتفك في قفص فاراداي (حاوية أو أسطوانة تعزل ما بداخلها عن المؤثرات الكهرومغناطيسية)، أو تركه على بعد 50 مترا”.
هل التطبيقات المشفرة آمنة للجميع؟
ينصح خبراء عبر العالم باستخدام تطبيقات شديدة الخصوصية مثل سينغال وتلغرام، كما أعلن واتساب عن تعزيز التشفير في الرسائل الواردة عبره. لكن هل هذه التطبيقات هي الحل؟
تطبيقات الرسائل المشفرة على غرار سيغنال وتلغرام تتيح تشفير قناة الاتصال، منذ توجيه الرسالة من الهاتف المرسِل حتى استقبالها على الهاتف المتلقي. مع استخدام هذه التطبيقات، لم يعد ممكناً سماع المحادثات عبر الاتصال بشبكة الهاتف. في المقابل، في لحظة كتابة الرسالة وقراءتها، يمكن لبرامج التجسّس على غرار “بيغاسوس” رؤية ما يظهر على الشاشة.
ويشرح جيروم بيلوا: “ثمة لحظة بالتأكيد لا تكون فيها الرسالة مشفّرة حتى يتسنى للمستخدمين قراءتها”. ويضيف: “في حال كان برنامج التجسّس على الجهاز، يمكنه قراءة الشاشة ما إن تظهر الرسالة”.
ردود فعل متباينة وصدمة عالمية
وتباينت ردود فعل الدول التي وجدت نفسها في صميم فضيحة التجسس على الهواتف الشخصية لقادة ومسؤولين، إذ قرر المغرب رفع دعوى بتهمة التشهير، بينما باشرت المجر والجزائر التحقيق، تزامناً مع نفي السعودية والإمارات الاتهامات الموجهة إليهما.
وطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي ورد اسمه ضمن قائمة الأهداف المحتملة، خلال اجتماع استثنائي لمجلس الدفاع الخميس، “تعزيز” أمن وسائل الاتصال الحسّاسة، وفق مكتبه. وقال إن ماكرون “غيّر هاتفه ورقمه في بعض التبادلات”، في حين دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى فرض قيود إضافية على بيع برامج التجسّس.
وحصلت “فوربيدن ستوريز” ومنظمة العفو الدولية على قائمة بخمسين ألف رقم هاتف اختارها زبائن لمجموعة “أن أس أو” الاسرائيلية منذ 2016 بهدف القيام بعمليات تجسّس محتملة. وأرسلت المنظمتان القائمة إلى مجموعة من 17 وسيلة إعلامية كشفت هذه القضية الأحد، بينها صحف واشنطن بوست وذي غارديان ولوموند.
ويسمح البرنامج، إذا اخترق الهاتف الذكي، بالوصول إلى الرسائل والصور وجهات الاتصال وحتى الاستماع إلى اتصالات مالكه.
وأحدث التحقيق فضيحة مدوية مع ورود أسماء دول عديدة متورطة، من السعودية والإمارات والمغرب إلى الهند ومجموعة من الدول ذات الاقتصادات الناشئة إجمالاً.
عذراً التعليقات مغلقة