المعركة _ الرباط
في دراسة بعيدة عن المنطلق التقليدي لتناول موضوع “الاندماج المغاربي”، والذي يستحضر فيه غالبا مقاربة اندماج “فوقية”، تركز على الجوانب السياسية والاقتصادية، اختار “المعهد المغربي لتحليل السياسات”، تقديم دراسة من زاوية جديدة، وصفها بأنها “مقاربة من أسفل” تعطي السبق للمواطنين والباحثين والفاعلين غير الرسميين ، لتقديم حلول غير تقليدية حول تعثر التكامل المغاربي.
وفي تقريره حول الاندماج المغاربي لسنة 2020، اختار المعهد تسليط الضوء على تمثلات المواطنين حول طبيعة هذا الاندماج المتعثر الذي تترجمه لغة الأرقام، حيث لا تتعدى نسبة التبادلات التجارية 5 في المائة من إجمالي التجارة الخارجية للبلدان المغاربية.
روابط اجتماعية وأسرية قوية
ومن خلال الاستماع للمستجوبين ، وقفت الدراسة على وجود روابط اجتماعية قوية تربط المغاربة مع الدول المغاربية، حيث عبر حوالي نصف المشاركين الذين يبلغ عددهم 1200 مشارك، عن وجود علاقة اجتماعية مع أحد المواطنين في المنطقة المغاربية، وأشار حوالي 47 في المائة بأن لديهم علاقة قرابة مع مواطنين مغاربيين، وقد حظيت كل من الحزائر وتونس بنسبة عالية من هذه العلاقات بنسبة تساوي 45 و 34 في المائة، مما يعكس العلاقات التاريخية والثقافية بين المغرب والدولتين.
وكشف 16 في المائة فقط من المستجوبين بأنهم سافروا إلى أحد البلدان المغاربية، أغلبهم من الذكور، وكانت تونس من أكثر البلدان التي تمت زيارتها من طرف المشاركين في الاستطلاع، بنسبة تفوق النصف، باعتبارها واجهة سياحية دولية، مقارنة مع باقي الدول المغاربية، وتأتي الجزائر في المرتبة الثانية بحكم علاقات العائلية التي تجمع الأسر المغربية بالجزائرية.
وفي تفاصيل الدراسة حول هذه النقطة المتعلقة بالسفر، أوضح المستجوبون، أن 31 في المائة منهم سافر للمشاركة في ندوات أكاديمية، بينما سافر 20 في المائة في إطار السياحة، و18 في المائة لممارسة الأعمال، و 12 في المائة لزيارة الأقارب، 10 في المائة لزيارة الأصدقاء، وأوضحت الدراسة أن احتلال الزيارات لأسباب تتعلق بأعمال تجارية ذيل القائمة، يعكس تدني الاندماج الاقتصادي بين البلدان المغاربية.
نظرة متفائلة حول المستقبل
وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بمستقبل المنطقة المغاربية وفق منطق الباحثين والمختصين والسياسيين، إلا أن المواطنين المغاربة لهم تصور إيجابي بشأن المستقبل داخل المنطقة المغاربية، حيث أبدى 58 في المائة من المستجوبين تفاؤلهم بمستقبل الاتحاد المغاربي، فيما احتفظت نسبة 42 في المائة بنظرة غير متفائلة حول مستقبل العلاقة خلال العشر سنوات القادمة، وقد سجلت أعلى نسبة تفاؤل بين صفوف الإناث.
وقال 95 في المائة من المشاركين، أن التبادل الاقتصادي بين الدول المغاربية، بوابة نحو تعزيز الاندماج المغاربي، مع التأكيد أن تعثر العلاقات المغربية الجزائرية يعرقل مشروع الاتحاد، كما قال 89 منهم أن الحدود بين المغرب والجزائر يجب أن يعاد فتحها.
واعتبر 91 في المائة أن شعوب المنطقة المغاربية متقاربون ثقافيا، مع التأكيد أن المرحلة تتطلب استبدال التنافس السياسي بالمصالح الاقتصادية لإعطاء دينامية جديدة للاتحاد المغاربي.
إلى جانب ذلك قدم المستجوبون منافذ أخرى للانفتاح المغاربي، كتقوية العلاقات على المستوى المدني، والتعاون العلمي والثقافي، وتقوية التعاون الأمني.
وعن الأسباب التي تعيق قيام مشروع الاتحاد المغاربي، قال 48.33 في المائة من المستجوبين أن الأمر يعود لخلافات سياسية، بينما برر 22.72 في المائة الأمر بأنه تخوف من رغبة بعض الدول في الهيمنة على المنطقة، بينما برز التخوف من الانفتاح الاقتصادي بين صفوف 11.79 في المائة من المستجوبين، وقال 5.70 في المائة أن الصور النمطية حول شعوب المنطقة قد تكون سببا، في حين اعتبر 5.24 في المائة أن إقصاء الثقافة الأمازيغية أحد الأسباب.
وتروم هذه الدراسة التي استمرت بين الفترة الممتدة ما بين 15 أكتوبر و 30 دجنبر 2019، توفير قاعدة بيانات تساعد صناع السياسات، ومنظمات المجتمع المدني والصحفيين على وضع تصور جديد لمعاجة لموضوع الاندماج المغاربي.
وتكونت العينة المستجوبة من 1200 شخصا، نصفهم إناث، وتراوح سن المستجوبين ما بين 18 و 50 سنة، موزعين بين جهات المملكة، حيث شكل أصحاب الدخل الأقل من 8000 درهم حوالي 70 في المائة من المستجوبين، و 34 في المائة لديهم دخل أقل من 3000 درهم، و 36 في المائة دخلهم ما بين 3000 و 8000 درهم، في حين تجاوز دخل 30 في المائة منهم 8000 درهم شهريا.
وبالنسبة للمستوى التعليمي، شكلت الإجازة 44 في المائة من المستجوبين، و 27 في المائة حاصلين على ماستر، و 14 في المائة دكتوراه، بينما 8 في المائة من الحاصلين على مستوى تعليم ثانوي.
عذراً التعليقات مغلقة