المعركة _ الرباط
على غير المعتاد ، وفي ظل ظروف استثنائية للغاية ، استقبل المسلمون بروسيا هذه السنة شهر رمضان الكريم بطعم الحنين إلى التقاليد والشعائر الدينية الجماعية ،جراء الحجر الصحي الذي فرضته سلطات البلاد للحد من خطورة جائحة فيروس “كورونا” المستجد.
فبعد إطلالة الشهر الفضيل، الذي حل هذه السنة في أجواء غير مألوفة يرسم معالمها تفشي فيروس “كورونا” على مختلف مناحي الحياة، طرح المسلمون في روسيا الكثير من التساؤلات بشأن مصير التقاليد والعادات التي دأب المسلمون على ممارستها ، وكذا الشعائر الدينية والروحانية المرتبطة بالشهر الكريم .
وحل شهر رمضان، في بلد القياصرة، ليس كسابقيه، بسبب الإجراءات الوقائية والاحترازية التي فرضتها سلطات البلاد في خطوة مهمة للتخفيف من الأثار المدمرة لجائحة كورونا، بحيث ليس بوسع القائمين على دور العبادة بروسيا الاتحادية تنظيم الخيم الرمضانية التي تعتبر تقليدا سنويا موجها للصائمين، والأمسيات الدينية والثقافية، وجلسات الإفطار الجماعي، وأداء الشعائر الدينية الخاصة التي تميز الشهر الفضيل .
وبغض النظر عن المبادرات المحدودة ،فالظروف الاستثنائية لن ترسم البهجة والسرور على وجوه المسلمين بهذا البلد الذي اعتاد على تكريس كل القيم النبيلة المصاحبة للصوم، كما أن الإجراءات المشددة عطلت طقوسهم التقليدية خلال شهر الصيام.
وفي هذا السياق، دعا مجلس علماء مسلمي روسيا إلى إلغاء “الخيم الرمضانية” وكذلك موائد الإفطار في شهر رمضان الكريم في عموم روسيا ،وذلك بسبب جائحة كورونا المستجد، مشيرا إلى أن جميع طقوس رمضان ستتم في المنازل.
وحسب المجلس، فإن الشعوب المسلمة في روسيا (التتار، والباشكير) مدعوة إلى إلغاء عاداتها خلال شهر رمضان بسبب تغير الأوضاع وتفادي الآثار السلبية للوباء القاتل.
ولفت الانتباه إلى أن هذا القرار ليس فقط قرار مجلس علماء روسيا ، ولكن قرار “العالم الإسلامي برمته ” ،مشددا على أنه ” لن يتم في المساجد ودور العبادة التابعة لمجلس العلماء أداء الصلوات الجماعية و صلاة التراويح على أن تقام في المنازل ،وهو ما سيظل ساريا الى غاية 23 ماي من هذا العام، أو حتى اتخاذ قرار آخر”.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد أعلن في وقت سابق، عطلة عامة مدفوعة الآجر في روسيا حتى نهاية شهر أبريل الجاري بسبب التخوف من تفشي فيروس كورونا المستجد قبل تمديها الى غاية منتصف شهر ماي القادم ، و طلب من الناس البقاء في منازلهم والالتزام بنظام العزل الذاتي.
ويشكل المسلمون في روسيا أغلبية سكان جمهوريتي بشكيريا وتترستان (منطقة نهر الفولغا)، ووفي شمال منطقة القوقاز بين البحر الأسود وبحر قزوين ومنهم الشركس والبلقار والشيشان والإنغوشيون والقبرديون والقراشاي وعدد من ساكنة داغستان، كما تشهد مناطق أخرى من البلاد تزايدا ملحوظا من حيث عدد السكان المسلمين من ضمنها موسكو، وضواحي أورنبورغ بالإضافة إلى جمهورية أديغيا ومقاطعة آستراخان في المنطقة الفيدرالية الجنوبية.
وتتواجد على الأراضي الروسية أكثر من 5000 منظمة إسلامية مسجلة على أراضي روسيا، ما يعادل سدس عدد المنظمات الدينية الأرثوذكسية المسجلة في البلاد.
وفي انتظار عودة الحياة الطبيعية لبلاد القياصرة وكسر الهدوء الذي يعم مختلف أرجاء البلاد ، تدعو السلطات الروسية جميع المواطنين والمقيمين الى التزام الحجر المنزلي التام، واحترام توجيهات وزارة الصحة في التعامل مع الفيروس.
وكانت روسيا قد اتخذت إجراءات وتدابير احترازية تمثلت في الحجر الصحي وفرض نظام التصاريح الرقمية الإلزامية للتنقل ،بعد أن أقرت روسيا حالة الطوارئ الصحية في 30 مارس الى 11 من ماي المقبل بعد تمديد زمن حالة الطوارئ .
عذراً التعليقات مغلقة