المعركة _ الرباط
تمكن فريق من الباحثين المغاربة من تحليل أزيد من 3000 جينوم لفيروس كورونا على المستوى العالمي، الفريق ينتمي إلى ائتلاف متكون من مختبر البيوتكنولوجيا الطبية بكلية الطب والصيدلة بالرباط وكلية العلوم وقطب المستعجلات الطبية والجراحية بالمستشفى العسكري محمد الخامس وجامعة محمد السادس لعلوم الصحة.
فما هي ظروف الاشتغال على هذا المشروع ونتائجه؟ وهل ستسهم هذه النتائج في تطوير لقاح مغربي لفيروس كورونا؟ الجواب على هذه الأسئلة وأخرى نتعرف عليها في الحوار التالي الذي أجراه موقع القناة الثانية مع مدير مختبر البيوتكنولوجيا الطبية بكلية الطب والصيدلة بالرباط البروفيسور عز الدين الإبراهيمي:
تمكنتم مؤخرا من تحليل أزيد من 3000 جينوم لفيروس كورونا، حدثنا أكثر من فكرة هذا المشروع وظروف الاشتغال عليه؟
هذا العمل هو نتيجة تراكم معرفي وسلسلة من الأبحاث بدأناها منذ أزيد خمس سنوات، قمنا من خلالها بتحليل جينومات البكتيريا والفيروسات، بعد أن لاحظنا أن هناك علاقة ثنائية بين تطور الأمراض وقابلية الشخص للإصابة والعلاج مقارنة بغيره، بالتالي نقوم بتجميع الجينومات المغربية وتحليلها ووضعها على منصة رقمية وطرحها للباحثين.
بعد ظهور فيروس كورونا، كان من الضروري أن نسخر جميع الأدوات التقنية بالمختبر من أجل مواجهة الفيروس، في إطار ائتلاف متكون من المختبر الذي أشرف على إدارته، كلية العلوم وقطب المستعجلات الطبية والجراحية بالمستشفى العسكري محمد الخامس وجامعة محمد السادس لعلوم الصحة، وبدعم من وزارتي التعليم والصحة، تمكنا بحمد الله في سابقة دولية من حل شفرة الفيروس.
على ضوء النتائج التي توصلتم إليها، ما هي خصائص فيروس كورونا؟
فريق الباحثين المغاربة قام بتحليل أكثر من 3000 جينوم من 58 بلدا، وهو ما مكننا من التعرف على كيفية انتشار الفيروس، أنواعه، خاصياتها الجينية، وهل هناك استقرار في تطورها.
نتائج التحليل أظهرت أن الخصائص الجينية لفيروس كورونا مستقرة نوعا ما، حيث هناك تغييرات طفيفة، لكن هذه النتائج ليست نهائية لأننا سنعمل على تحليل 15 ألف جينوم آخر للفيروس ومقارنتها بالجينومات الإفريقية، لمقارنة انتشار الفيروس في الدول الغربية والإفريقية.
من جهة أخرى، جميع الأدوية واللقاحات المقترحة تستهدف أساسا إصابة الشوكة البروتينية للفيروس من أجل القضاء عليه، بالتالي كان من اللازم أن نعرف خصائص هذه الأخيرة، لأنها إذا كانت متغيرة فالدواء لن يكون ناجحا، ومن خلال هذا التحليل وجدنا أن هذه الشوكة تحتفظ بمميزات مستقرة ستمكن في القريب العاجل من إيجاد لقاح ضد الفيروس.
عند بداية انتشار الفيروس كانت المعطيات الأولية تشير إلى استهدافه للمسنين بشكل أكبر، غير أن الإحصائيات الأخيرة التي كشفت عنها وزارة الصحة أظهرت ارتفاع معدل الإصابة لدى الشباب، فهل نحن في مواجهة أمام نفس الفيروس الذي ظهر أول مرة أم أن هناك نسخة مغربية للفيروس؟
تقييم الحالة الوبائية لا يكون من خلال حالات معزولة، والحديث عن الأرقام والإحصائيات يجب أن يكون شموليا، في المغرب وغيره من دول العالم ظهرت إصابات في صفوف الشباب والأطفال لكن بالرجوع إلى معدل الوفيات في صفوف هذه الفئة نجد أنها تقترب من الصفر.
وهنا أشير مرة أخرى إلى ثنائية تطور الأمراض وقابلية الشخص للإصابة لأسباب معينة سواء جينية، بيئية أو غيرها، والحقيقة العلمية لتغير الفيروس مع الزمن لا يمكن الحسم فيها إلا بمزيد من التحليلات، من أجل ذلك نحن نعمل اليوم على تحليل الجينوم المغربي من مناطق متعددة وسنحلله كذلك عبر الزمن، أي منذ شهر مارس إلى اليوم لتحديد طبيعة الفيروس في بلادنا.
كيف ستسهم هذه النتائج في مواجهة فيروس كورونا، وهل يمكن أن نتحدث عن تطوير لقاح مغربي للفيروس؟
المرحلة الأولى في أي معركة هي التعرف على العدو من أجل النجاح في التغلب عليه، إذا ما تمكننا من تحديد طبيعة الفيروس في المغرب، ومعرفة إذا ما كان هو نفسه الموجود في باقي دول العالم أم تغير، وإن تغير ما مدى خطورته، فإن إيجاد العلاج يكون أمرا متاحا.
المغرب لا يمكن أن يبقى مكتوف الأيدي بدون تطوير أي خطة عملية لتطوير أدوية ولقاحات ضد الفيروس، لأن هذا الأمر أصبح ضرورة ملحة، وحتى في حال لم تكن لدينا القدرة لذلك فيجب أن نطورها، وأن نضع خطة علمية ودقيقة لتطوير الكفاءات من أجل إيجاد لقاحات وأدوية ليس فقط لفيروس كورونا، ولكن حتى في حالة الإصابة بأوبئة محلية سيكون المغرب ملزما بمواجهتها لوحده.
في إطار الحديث عن تطوير الكفاءات، إلى أي مدى أظهرت أزمة كورونا أهمية الاهتمام البحث العلمي في المغرب؟
في الوقت الراهن، هناك إجماع على أهمية البحث العلمي، وهنا نذكر على سبيل المثال إطلاق وزارة التعليم برنامج دعم البحث العلمي متعدد التخصصات في المجالات ذات الصلة بجائحة كورونا، وهو البرنامج الذي يهدف إلى إنجاز مشاريع بحثية مرتبطة بهذه الجائحة إلى جانب المساهمة في تدبير الأزمات الوبائية.
في المرحلة المقبلة، يجب أن يعمل المغرب على وضع خطة على المدى القصير لتطوير البحث العلمي والعمل على توحيد رؤية جميع الفرقاء إلى جانب تطوير البحث العلمي البيوطبي.
ما تقييمكم للإجراءات التي اتخذها المغرب إلى حدود اليوم من أجل مواجهة الفيروس، والتي كان آخرها تمديد الحجر الصحي لثلاثة أسابيع إضافية؟
إذا ما قمنا بقراءة شمولية لحجم انتشار الفيروس في المغرب نجد أن هناك استقرار نسبيا في وثيرة انتشار الفيروس، لكن ليس لدرجة رفع الحجر، بالتالي فقرار التمديد كان قرارا صائبا.
حياة المواطن لا تقدر بثمن ولا يمكن المغامرة بها مهما كانت الكلفة الاقتصادية والاجتماعية للحجر، وهي المقاربة التي تبناها المغرب منذ بداية انتشار الفيروس.
بالتالي ما هو الوقت المناسب الذي يمكن أن يشرع فيه المغرب في رفع الحجر؟
أولا يجب التأكيد على أن رفع الحجر سيكون جزئيا، وهذا الأخير مرتبط بمؤشر انتشار الفيروس RO، والذي يجب أن يتراجع إلى ما دون 1 ويصل إلى 0.5، وذلك من أجل تفادي المغامرة باي شخص خاصة المسنين والأشخاص في وضعية صحية حرجة.
عذراً التعليقات مغلقة