المعركة
أحرضان….هكذا كانت الانطلاقة
بقلم: جدو الإدريسي
منذ إدراكي الطفولي وأنا أسمع ترديد إسم أحرضان من طرف أفراد عائلتي يتحدثون عن خصال وشجاعة الرجل، يتحدثون عن عفويته وعن لغة تواصله البسيطة، كلمات أمازيغية يستعملها في تواصله مع مناضلي الحزب الذي أسسه نهاية الخمسينيات من القرن الماضي ولكن لها دلالات عميقة وحمولة فكرية لا يفهمها إلا من عاشر الفقيد.
أتذكر أن نساء البلدة كن يستعملن كلمة أحرضانينو لتهدئة أطفالهم حتى يناموا…كن يرددن “نيني امومو اياحرضنينو الوزيرينو” … هكذا كانت كلمة أحرضان وسيلة لإسكات الأطفال من بكائهم….ترعرعنا كجيل وكلمة أحرضان ترن في آذاننا…
أتذكر يوما في بداية الثمانينات وأنا أتابع دراستي في مستوى الرابع ابتدائي إذا لم تخني ذاكرتي عندما زار أحرضان بلدتي أيت إيشو وتوسط جموع الجماهير التي أتت لاستقباله وهو يخاطبهم بلغتهم الأصلية والنساء تقطع كلماته بالزغاريد تجاوبا مع ما تحمله هذه الكلمات من رسائل ومعاني .. كان رحمه الله يحثهم على تعليم أطفالهم وتشجيعهم على مواجهة الصعاب… لقد شكلت تلك الكلمات وتلك الأمثلة التي كان يستدل بها حافزا بالنسبة لي لمواصلة مساري الدراسي…. وأكاد أجزم أن ذلك اللقاء كان بالنسبة لي من حيث لا أدري نقطة انطلاق وكان بمثابة خارطة طريق….
أحرضان علمنا أبجدية العمل السياسي علمنا الآنفة وعزة النفس عودنا على الشجاعة، مجالس أحرضان لم تكن خاضعة لتسلسل المواقع داخل الإدارات ولا للمكانة داخل المجتمع بل كل المناضلين سواسية أمامه.
أحرضان سيظل رمزا من رموز الوطنية الصادقة كان رحمه الله أبا روحيا لجميع الحركيين والحركيات رحيله ترك فراغا داخل المشهد الحركي لن يملأ أبدا.
بعد ثلاثة أشهر من رحيله، وفي انتظار تنظيم حفل تأبين من القائمين على الحزب الذي أسسه زعيمنا يليق بنضاله المستميت ضد أنواع الحكرة بجميع تلاوينها لا يسعني إلا أن اجدد دعواتي بالرحمة والمغفرة لهذا الرمز الوطني الغيور على هويته والمتشبت بثوابت ومقدسات هذا البلد العظيم.
عذراً التعليقات مغلقة