المعركة/الرباط
ناقش الباحث نجيم نورالدين، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال بالرباط ،”الثوابت والمتغيرات في مسار عمل رجل السلطة بالمغرب بعد 1999: دراسة في المرجعيات القانونية وحاجيات المجال الترابي”.
وبعد المداولة، قرّرت اللجنة منح لقب دكتور في الحقوق بميزة مشرف جدا مع التوصية بنشر العمل.
وتكونت لجنة المناقشة من الأستاذ محمد الغالي (عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية قلعة السراغنة)، والأستاذ عبد الرحيم المنار اسليمي، (أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالرباط مشرفا وعضوا)، والأستاذ جواد النوحي، (أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية اكدال عضوا)، والاستاذ رضوان اعميمي (أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية اكدال عضوا)، والأستاذ عمر الشرقاوي (أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية)، والأستاذ الحسين اعبوشي (أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بمراكش عضوا).
وأوضح الباحث في عرضه أن “المراد بالثابت في موضوع الأطروحة هي الوظائف التقليدية التي استقرت عليها الممارسة في عمل رجال السلطة منذ سنوات طويلة حتى أصبحت معتادة ومعروفة لدى الجميع بما في ذلك المواطن البسيط، هي عموما متمثلة في الضبط الأمني في إطار الحفاظ على النظام العام”.
وتابع: “فيما يتعلق بمفهوم المتغير ذو المدلول الرياضي، فهو ذلك التوسع الوظيفي لرجال السلطة، الذي لم يعد يقتصر فقط على الضبط الأمني، بل امتد إلى التدخل في مختلف مناحي التدبير العمومي الترابي، انسجاما مع تشعب السياسات التنموية الترابية، وذلك حسب السياقات والتطورات التي تعرفها البلاد في جميع المجالات لاسيما فيما يتعلق بتحديث الإدارة والانفتاح السياسي والحقوقي إلى جانب الدور غير الدائم في وضعيات الأزمات كأزمة انتشار وباء كوفيد 19”.
وشدد الباحث على أن “هذا المتغير في وظائف رجل السلطة، يتجلى في ثلاثة أبعاد رياضية للمتغير. فقد تكون ممارسة السلطة الترابية كمتغير محايد في الظروف العادية غير المطبوعة بتحولات مجتمعية أو مؤسساتية، حيث تمارس السلطة وفق المساطر والنصوص التشريعية والتنظيمية بدون تحولات في مسارها، وتكون الممارسة متغيرا مستقلا عندما تسند السلطة المركزية سلطة التقدير لرجل السلطة في اتخاذ المتعين لا سميا في فترات الأزمات والطوارئ حيث تمارس السلطة حسب السياقات الترابية وحسب توفر عنصر الاستعجال”.
وأورد أنه “قد تكون ممارسة السلطة متغيرا تابعا عندما تقرر السلطة المركزية للدولة أو السلطات القطاعية المعنية بتدبير اختصاص قطاعي ما طبقا لإجراءات معينة وتحت رقابة مركزية تتوخى نتائج معينة”.
ولفت إلى أن “مؤسسة رجل السلطة ظلت تمارس وظائف ذات أبعاد أمنية واقتصادية واجتماعية، ارتبطت بتطور وظيفة الدولة وتشعب تدخلاتها المتعددة، المتصلة بسيرورة الأحداث التي مرت منها التجربة المغربية التقليدية والمعاصرة، مما فرض على وزارة الداخلية عبر شبكة من رجال السلطة بمختلف أصنافهم ورتبهم، التسلح بالمقاربة الأمنية الصارمة، في مواجهة التحديات الأمنية منها والاقتصادية والاجتماعية”.
وأكد أن “هذا الدور الأمني الصرف، جعل من رجل السلطة ينحصر دوره ووظيفته في المقاربة الأمنية، حتى أضحت صورته مقرونة بالنظام العام في بعده الأمني، إلا أنه مع تطور حاجيات المرحلة، تحولت معه أدوار رجال السلطة، بحيث لم تعد أدوارهم تقتصر على ما هو أمني، بل انصرفت لتشمل ما هو اجتماعي واقتصادي/تنموي، أي المساهمة في تحقيق التنمية في أبعادها الشاملة”.
وأشار إلى أن “خطاب 1999 الذي وجهه الملك محمد السادس إلى العمال والولاة باعتبارهم امتداد السلطة المركزية على المستوى الترابي، جعل من الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية منها والجماعية أساس ممارسة الصلاحيات والوظائف المنوطة برجل السلطة، علاوة على تأكيده على ضرورة الاصغاء لهموم ومتطلبات الساكنة، والاستجابة لحاجياتهم وشكايتهم، في أجال معقولة، وذلك في إطار القانون كأسمى تعبير عن إرادة الأمة”.
ولأجل تحقيق غايات هذا المفهوم الجديد تمت مراجعة نظام التكوين بمدرسة تكوين رجال السلطة، وإحداث المعهد الملكي للإدارة الترابية، الذي خصصت له مهمة تكوين أطر ذات كفاءة عالية مستجيبة لصفات القيادة الإيجابية، باللاضافة الى الاستعانة بأطر تكنوقراطية انتدبت من قطاعات اقتصادية ومالية، راكمت بها تجربة طويلة إما على رأس قطاع وزاري، أو مؤسسات عمومية، بغية الاستفادة من خبراتها على المستوى الادارة الترابية .
وأبرز أن “هذا الخطاب اعتبر متغير أساسي في ممارسة السلطة بالمغرب، حيث حمل في متنه فلسفة جديدة لمفهوم السلطة، وعلاقته بالمواطن، وتوالت الخطب والرسائل الملكية المدعمة للخطاب المؤسس السالف الذكر، لتنتقل معها التوجهات الملكية إلى ضرورة ضبط المجال الترابي وتنميته وفق نموذج مغربي متفرد، يقوم على اللامركزية واللاتركيز الإداريين، ليتأتى ذلك مع دستور 2011، الذي تضمن فلسفة جديدة تقوم على الجهوية المتقدة كفلسفة للتدبير والتسيير الترابي، مصحوب بجملة من المبادئ الدستورية تهم مسألة التدبير، على أسس الحكامة الجيدة من قبيل مبدأ التدبير الحر، والتفريع والتضامن بين الجماعات الترابية، بهدف تحقيق التنمية في بعدها الشمولي. والتأسيس لعلاقة جديدة ما بين المعين أي رجل السلطة والمنتخب”.
وأورد أن “هذا التوجه واكبه المشرع بترسانة قانونية تمثلت أساسا في إصدار القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، إلى ميثاق اللاتمركز الإداري، وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، كلها إصلاحات تصب في اتجاه تقوية المجال الترابي وتمكينه من لعب أدواره الأساسية، لبلوغ التنمية المنشودة”.
عذراً التعليقات مغلقة