حصيلة الحكومة بعد منتصف ولايتها
بقلم الدكتور عبد النبي عيدودي
باحث في العلوم السياسية و الدينية
مدير المركز المغربي للقيم و الحداثة
بعد التصديق على قانون مالية 2024 تكون الحكومة المغربية برئاسة السيد عزيز أخنوش قد بلغت منتصف عمرها ، وخطت أول خطوة في بداية منتصفها الثاني من ولايتها 2021/2026. و هنا يحق لكل متتبع للشأن السياسي بالمغرب أن يطرح السؤال حول حصيلة نصف ولاية من عمر الحكومة المغربية (2021/2026) ، و هو نفس السؤال الذي طرحته بعد مرور 100 يوم من عمرها (-تجدونه في مقالة خاصة بعنوان 100 يوم من عمر الحكومة-) بل هو السؤال نفسه قمت بطرحه و الاقتراب منه بالجواب بعد سنة من عمر الحكومة .. و كنت ساعتها عضوا بمجلس النواب المغربي .. و شاءت الأقدار أن نعيد طرح نفس السؤال لكن من مكان آخر من خارج البرلمان .. و في سياق زمني آخر يسير بنا نحو النصف الثاني من عمر هذه الحكومة .
من واجبنا كمتتبعين للشأن السياسي المغربي أن نجهر بالسؤال ماذا حققت الحكومة في منتصف ولايتها من برنامجها الانتخابية ؟ و ماذا أنجزت من تصريحها الحكومي ؟ بل حري بنا كمهتمين بالشأن العام أن نسائل أنفسنا و من خلالها نعمم التساؤل مع كل المهتمين بالشأن العام و كافة المواطنين ؟ أين نجحت الحكومة ؟ و أين فشلت ؟ ماهي نقط ارتكازها في ما تحقق من نجاحات ؟ و ما هي نقط ترهلها فيما فشلت و أخفقت في تحقيقه ؟
بمرور سريع و مقتضب يمكن تسجيل ستة نقط نجحت فيها الحكومة بامتياز .. لكن تقابلها ستة نقط فشلت فيها الحكومة فشل دريع .. حيث نجحت الحكومة في :
1- إخراج النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بورش التغطية الصحية.
2- إطلاق الدعم الاجتماعي المباشر.
3- في تنزيل ورش إصلاح منظومة الصحة.
4- وفي التخفيف من تمظهرات الجفاف، وإطلاق مشاريع تحويل المياه وتحلية مياه البحر.
5- وفي مواجهة آثار الزلزال، باعتبار الحكومة جزء من الدولة.
6- وفي الحفاظ على مناعة المالية العمومية رغم التقلبات الدولية وحالة اللايقين الدولي.
لكنها فشلت فشل دريعا في :
1- مساعدة المغاربة على مواجهة الغلاء والتضخم.
2- والحد من تفاقم القدرة الشرائية.
3- وفي تقليص التوتر والاحتقان في ساحة التعليم.
4- وفي التواصل مع الرأي العام وارجاع الثقة في العمل السياسي والمؤسساتي.
5- وفي مواجهة التفاوتات المجالية والاجتماعية.
6- وفشلت في تفعيل معظم وعود والتزامات البرنامج الحكومي، خاصة على مستوى دعم المقاولة وخلق فرص الشغل، حيث وصلت البطالة أرقاما لم نصلها منذ عقود، والمقاولات الصغرى تفلس بالآلاف.
وحتى نكون منصفين يجب أن نطرح السؤال ما سبب هذا الفشل ؟ هل هو مرتبط بالمؤسسات المركزية للدولة ؟ أم مرتبط بالسياسات العامة و العمومية للدولة ؟ أم تراه راجع لسياسات قطاعية بعينها ؟ لكن إيجاد نجاحات سبق ذكرها تقابل هذا الفشل يجعلنا نقر بأن السبب في هذا الفشل هو قطاعي و ليس مركزي أو مؤسساتي ، و مما يشد عضدنا هو ما حققته وزارات عدة من أداء جيد في مجالاتها القطاعية كالداخلية و نجاحها في تنزيل مقارباتها الاجتماعية و الأمنية و التنموية ، و وزارة الصحة ، و وزارة الصناعة و التجارة و منجزاتها التي أصبحت حديث العالم ، ووزارة الفلاحة التي واجهة ثورة العطش باحترافية كبيرة ، ووزارة الإسكان التي ساهمت في تسريع تنزيل ورش ملكي كبير في الدعم الإجتماعي المرتبط بالسكن و تبسيط مساطر التعمير بالعالم القروي . فنجاح وزير الداخلية ، وزير الصحة ، وزير الفلاحة ، وزيرة الإسكان ، وزير الصناعة و التجارة ووزيرة المالية و الوزير المنتدب في المالية في تنزيل سياستهم القطاعية انعكس بشكل ايجابي على الاداء الحكومي.
أمام هذا الاداء الايجابي نجد إنعكاس سلبي سجله أداء وزير التربية الوطنية ، و وزير العدل و وزير التعليم العالي ، ووزير التجهيز والماء ، ووزيرة السياحة ، ووزيرة الانتقال الطاقي و بمعيتها وزيرة الانتقال الرقمي على الحكومة برمتها ، مما أفقدها القدرة على تحسين أداءها خلال المنتف الاول من عمر ولايتها .
يبقى السيد رئيس الحكومة إلى حدود منتصف هذه الولاية رجل وطني بامتياز ، و ذا صبر وجلد وقدرة على التحمل و القيادة ، و إن خانته اللغة في التبليغ و التواصل فيشفع له صدق نيته و إخلاصه للوطن وللملك .. بل يشفع له عمله المتواصل بدون كلل ولا ملل من أجل استكمال برنامجه الانتخابي الذي وعد به في 8 شتنبر 2021 رغم كل التقلبات و الأزمات الدولية و الوطنية ..
لكن لا شفاعة له في الاستمرار دون طلب تعديل حكومي بعد مرور منتصف ولايته وقد عرف و خبر أين يقع الخلل .. فسؤال التعديل الحكومي بات مطلب وجب عليه أن يتقدم به لجلالة الملك محمد السادس نصره الله طبقا لدستور .. حتى يغيير كل الوزراء الذي فشلوا في تنزيل سياساته القطاعية .. لعل نفس جديد يلج رحم الحكومة في منتصف ولايتها المتبقية . و تستكمل بذلك أقصى ما يمكن استكماله من تصريحها الحكومي .
عذراً التعليقات مغلقة