مغاربة الخارج: رأي أولي في انتظار الإنصاف الفعلي
بقلم: عبدالله جبار باحث في قضايا الهجرة
مرت سنوات عديدة على تأسيس مجلس الجالية،ومازال الموضوع محط نقاش وسجال .فعلا تغيرت الظروف وظهرت أجيال وبقي الموضوع يحظى باهتمام وهو مؤشر على حيوية مطلب الجالية وعلى تمسكها بشكل أو بآخر به رغم أن المولود بقي في مهده . وحتى بعد التعديلات الدستورية سيما بعد 2011 لم تستطع الحكومات المتعاقبة أن تنفض الغبار عن مواد دستورية عكست طموحات مغاربة الخارج بل عاكست التطور الواقع في العالم سياسيا وفكريا. ودون الدخول في تفاصيل هذا التطور،أعتقد أننا اليوم في حاجة الى رؤية جامعة مانعة تعترف، أولا، بضرورة البدء بالابتعاد التدريجي عن إرث الماضي، ثم تضع إطارا واضحا لتقليص حدة الصراع داخل منظومة مغاربة العالم ، عبر التخلص التام من نظام الريع المبني على المحسوبية،. ولن تستطيع فعل ذلك إلا إذا تم الابتعاد عن الارتجال. المطلوب إرادة سياسية للتطبيق. وبغياب هذه الإرادة يصبح القول فعلا غير مجد. لا تكمن المشكلة في عدم وجود الخطط الكفيلة بمعالجة الخلل، ولكن في غياب الإرادة السياسية التي تعي صعوبة التحول من المجتمع الريعي إلى المجتمع التشاركي، ولكنها غير مستعدة لمجابهة هذه الصعوبات والتغلب عليها. تمت مبادرات قبل سنوات كان من شأن تطبيقها معالجة كل التحديات ، ثم تم وضعها على الرف. بعد كل هذا الوقت، نتحدث عن اجتماعات للحكومة لوضع خطة أخرى. فهل نتحدث عن واحدة وثانية وثالثة ؟ وهل لدينا ترف الانتظار لسنوات أخرى؟
لن نستطيع الاستمرار في معالجة المشكلة عن طريق المزيد من المماطلة. ففاتورة هذه السياسة سيدفع ثمنها أبناءنا وبناتنا من الأجيال القادمة ، وأي ثمن يدفعونه؟ التاريخ وحده في المستقبل القريب سيجيب ،بل قد يفاجئ الجميع ان لم يوضع القطار على سكته الصحيحة . لقد حان الوقت ليس فقط لطرح الموضوع بجدية وموضوعية بعيدا عن التشنج والمزايدات الكلامية، بل للعمل على حلها، مع إدراك الصعوبات كافة التي تقف عائقا أمام ذلك، ولكن مع الإدراك أيضاً أن الخيار يكمن بين صعوبة الحل واستحالة الاستمرار بالوضع الراهن، لقد كان خطاب 20 غشت خطابا واضحا لخص تطلعات مغاربة الخارج وعكس بحق رغبتهم في جعل دستور 2011ترى بعض بنوده التطبيق الفعلي لكي يمارسوا حقهم الدستوري داخل كل المؤسسات، إلا أن هذا يجب ألا يدفع إلى اختزال مشكلة الجالية كلها في مجلس الجالية صحيح أن المغرب لا يمكنه الإبقاء على مؤسسات ذات هياكل منخورة غير قادرة على مواكبة التحولات التي تتسارع من حولنا في معالجة الملفات الموكولة لها ،لكن صحيح أيضا أن الأزمة مركبة المكونات ومشاكلها متداخلة تفرض مقاربتها بشكل شمولي ،وكل اهتمام بجانب دون العمل على حل المكونات الأخرى إنما هو مضيعة للوقت وإرهاق للطاقات ، فالتركيز على مجلس الجالية مهم لكن تسليط الضوء في اتجاه واحد إنما هي محاولة للقفز في الظلام. أن النظرة الشمولية لملف مغاربة العالم يجب أن ينطلق من برنامج عملي واضح منبثقة من حوار يشمل كل الأطراف والحساسيات بهدف الوصول إلى رسم سياسة متكاملة تكون عصارة حوار يهدف إلى مناعة ذاتية لتجاوز الصراعات السلبية ،حوارا لا يقصي أحدا و بدون مكابرة لأن المستقبل لا يمكن أن يتأسس على شرعية الرأي الواحد أو الصوت الواحد طبعا الوقوف على التجربة السابقة التي عشناها لأزيد من 15 سنة تحليلا ونقدا أساسي ليس فقط لتكشف عن حجم الخسارة التي لحقت بهذه الفئة من المواطنين ولكن ليعترف كل طرف بأخطائه وتكون المصالحة الداخلية منطلقا جديدا.
عذراً التعليقات مغلقة