الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة الخضراء تتمة لرؤى تنموية وتدبيرية مستدامة

8 نوفمبر 2023
الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة الخضراء تتمة لرؤى تنموية وتدبيرية مستدامة

المعركة 

الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة الخضراء تتمة لرؤى تنموية وتدبيرية مستدامة

بقلم: محمد أهيري

باحث في التدبير العمومي

 

دائما ما تتسم الخطب الملكية بالابتكار والمبادرة على مستوى جميع المجالات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وانطلاقا من الخطب الملكية يمكن القول إن الملك فاعل اساسي في التنمية والسياسات العمومية، وفي دعم التوجه المغربي نحو الريادة العالمية طبقا للمقتضيات الدستورية (الفصول 41 و42). لأن المغرب في الوقت الحالي أصبح فاعلا استراتيجيا يلعب دورا أساسيا في ترسيخ آليات التعاون والتكامل في إفريقيا والعالم، وخاصة ربط التواصل بين افريقيا والدول الاخرى.

جاء الخطاب الملكي بالتوافق مع القرار الاممي رقم 2703 المتعلق بتمديد مهمة بعثة المينورسو، وتأكيد بعض الدول على جدية قرار المقترح المغربي كما هو الحال لفرنسا، ثم تجديد الدعم الدولي للمقترح المغربي “الحكم الذاتي” كحل مثالي ودائم في إطار السلم والامن. وتميز الخطاب الملكي بالتجديد في رهاناته ورؤاه حيث أكد على تطوير المغرب على مستوى جميع الواجهات وفي مختلف المجالات، وقد جعل من الواجهة الأطلسية ومن سواحلها نقطة تطور المغرب وانطلاقه نحو افريقيا وامريكا والانفتاح على دول أخرى من أجل بناء علاقات مشتركة ومثمرة لجميع الأطراف.

إضافة إلى ذلك، فان الخطاب الملكي جاء لاستكمال مسيرة بناء مغرب حديث ومتكامل ومتضامن قائم على ضمان الحقوق والكرامة والمساواة والعدالة، وتثمين المجال الترابي المغربي بما يتوفر عليه من خصائص ومميزات وثروات في إطار العدالة المجالية والاجتماعية، وتحقيق الجاذبية والمنافسة الترابية (…ووفاء لقسمها الخالد نواصل مسيرة التنمية والتحديث والبناء من أجل تكريم المواطن المغربي وحسن استثمار المؤهلات التي تزخر بها بلادنا خاصة بالصحراء المغربية…).

ويمكن تفصيل الخطاب الملكي إلى مجموعة من الأجزاء:

على المستوى السياسي، فإن الخطاب الملكي يسعى إلى تعزيز الوحدة الترابية من خلال تطوير الاقاليم الجنوبية وإبراز مؤهلاتها وخصائصها، حينما دعا إلى مواصلة الاستثمار وتوطين مختلف المشاريع، وذلك بهدف ربط الجنوب المغربي بشماله، وجعل الصحراء المغربية فضاء للتنمية والعيش الكريم، ثم جعل الصحراء بوابة تربط المغرب مع محيطه الافريقي والدولي، وخاصة تطوير وتقوية العلاقات المغربية الافريقية في إطار التعاون جنوب-جنوب كما نادى جلالة الملك بذلك عدة مرات (…الواجهة الأطلسية هي بوابة المغرب نحو افريقيا، ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي…). كما يهدف الخطاب الملكي إلى الوحدة الافريقية وذلك بتسهيل الربط بين السواحل الأطلسية لإفريقيا وتيسير التجارة البينية وربطها مع اوروبا وأمريكا، كما هو الشأن للأنبوب الغاز “المغرب نيجيريا” الذي يؤمن الإقلاع التنموي والاقتصادي المشترك لأفريقيا.

وما دعوة جلالة الملك إلى تأسيس كيان مؤسسي أطلسي إلا لتطوير التوجه السياسي لأفريقيا وتوحيد مواقفها اتجاه العالم خاصة فيما يتعلق بالبعد الأمني والبيئي، كما انه يعزز التوجه المغربي نحو افريقيا والمساهمة في تطويرها وتنميتها، وهو ما يؤكد مبدأ التعاون جنوب-جنوب. إذ أن حل المشاكل التنموية والاقتصادية هي مفتاح القضاء على المشاكل السياسية والأمنية سواء الحروب الاهلية والانقلابات العسكرية أو على مستوى الهجرة التي تؤرق العالم، وخاصة المغرب الذي يعتبر بلد عبور واستقرار لمهاجري جنوب لصحراء. وعليه، فإن جهود المغرب في تطوير وتنمية افريقيا ومساعدتها على تجاوز جميع المشاكل والعراقيل سيساهم في تعبئة الدعم الدولي للمقترح المغربي للحكم الذاتي، وبالتالي دعم الوحدة الترابية.

وعلى المستوى التنموي والاقتصادي، نادى الخطاب الملكي باعتماد رؤى تنموية جديدة خاصة بالأقاليم الجنوبية والمغرب عموما، وهو ما يقوي روابط الروح الوطنية بالأقاليم الجنوبية، وربط مختلف المدن والمجالات الترابية المغربية ببعضها في إطار العدالة المجالية (…لقد تكلمت عن الجدية، وعن القيم الروحية والوطنية والاجتماعية، التي تميز الأمة المغربية، في عالم كثير التقلبات…)، من خلال التهيئة الحضرية والعمرانية تماشيا مع التطور الذي يعرفه المغرب، وتوجيه الاستثمارات نحو المناطق الجنوبية للمغرب خاصة ما يتعلق بالتنقيب عن الموارد الطبيعية وتشجيع الصناعة والتجارة البحرية، والفلاحة والسياحة والطاقات المتجددة. ذلك أن الصحراء المغربية تتوفر على مؤهلات طبيعية واقتصادية ثمينة من اجل تمكين المواطن الترابي المحلي من الاستفادة منها، وقيادة المغرب نحو الريادة العالمية في ظل عالم تسوده المنافسة القوية. فضلا عن أهمية تطوير السواحل الأطلسية للمغرب باعتبارها نافذة المغرب على افريقيا وامريكا عبر تأهيل وتطوير البنيات التحتية البحرية، بما يعزز الحضور المغربي بكل امكانياته في افريقيا والتوجه أكثر نحو أمريكا في ظل الموقف المغربي القوي بإنجازاته الاقتصادية والسياسية والرياضية والأمنية…

كما سبق القول، فإن البعد الافريقي غالبا ما يشكل صلب المبادرات والتفكير المغربي بقيادة جلالة الملك نصره الله، وهو ما تم تأكيده من الخطاب الملكي الذي ركز على أهمية تأهيل الساحل الأطلسي لافريقيا، والمساهمة في إرساء السلم والامن بهذه المنطقة ، وذلك بإحداث اسطول بحري تجاري قادر على المنافسة مع انشاء مناطق ومحطات اللوجستيك، وتأهيل البنيات التحتية الافريقية وربطها بالمحيط الافريقي والدولي (…فالواجهة الأطلسية الإفريقية، تعاني من خصاص ملموس في البنيات التحتية والاستثمارات، رغم مستوى مؤهلاتها البشرية، ووفرة مواردها الطبيعية…)، وتعزيز الشراكات الافريقية في مختلف المجالات كوضع البنيات التحتية المغربية في خدمة افريقيا، والتعاون في مجال الطاقة والاقتصاد والتنمية البشرية، وخاصة التجارة والاستثمار البحري.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

    موافق