قراءة في مشروع قانون المالية لسنة 2023

15 أغسطس 2022
قراءة في مشروع قانون المالية لسنة 2023

قراءة في مشروع قانون المالية لسنة 2023

بقلم: د عيدودي عبدالنبي

في ختام السنة التشريعية الأولى من الدورة الحادية العشرة )11( للبرلمان المغرب،و بالضبط في27من شهر يوليوز2022وزير المالية السيد فوزي لقجع عرضا ،عرض مقتضبا حول تنفيذ ميزانية2022وإعداد مشروع المالية لسنة2023والبرمجة الميزانياتية
لثلاثة سنوات2023-2025عرضه في ثلاثة محاور، خصص الأول لتطور . وجاء الوضعية الاقتصادية الدوليةوالوطنية، وفي المحور الثاني بسط فيه تنفيذ قانون المالية إلى حدود متم يونيو 2022والتوقعات الممكنة لختام هذه السنة المالية، و خصص المحور الثالث لإعداد الميزانية العامة لسنة للخطوط العريضة 2023والبرمجة الممكنة للسنوات الثلاثة المقبلة2023-2024-2025.
وعليه  سنعرج معكم على المحورين الأول والثاني بالتحليل للمحور الثالث، لم نخصص محور خاص لمسائلة الوزير سنخصص مجالا أوسع حول الخطوط التي جاءت بها ميزانية2023.
المحور الأول: السياق الوطني والدولي
عرفت السنة المالية2022 تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وانخفاض حاد وشكوك كبيرة بشأن التوقعات بسبب الصراع الروسي الأوكراني الذي زاد من حدة ارتفاع اسعار المواد  الاولية وارتباك في سلاسل الإمدادات العالمية وارتفاع ثمن البرميل مما ساهم في ارتفاع مهول ومستمر في أسعار المحروقات.  كما عرفت السنة المالية الحالية تصاعد الضغوطات التضخمية وبدء تطبيع
السياسات النقدية من طرف البنوك المركزية لاسيما بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (FED)والبنك المركزيالأوروبي(BCE)حسب العرض الذي قدمه السيد الوزير. الذي أشار في عرضه أن نمو الاقتصاد الوطني عرف العديد من التطورات المتسارعة أهمها نذرة التساقطات وانخفاض هام لمحصول الحبوب بالنسبه69 %، مع انتعاش كبير في قطاعي النقل والسياحة بعد فتح الحدود الجوية في07 فبراير 2022بسبب تحسن الحالة الوبائية للبلاد من جراء كوفيد19، في مقابل ذلك عرف الاقتصادالوطني تسارع القروض الممنوحة للقطاع الخاص مع تباطؤ الطلب الأجنبي الموجه إلى المغرب من قبل اوروبا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، كما سجل اقتصادنا الوطني على حد قول السيد الوزير في عرضه تراجع لمعدل البطالة دون أن يسترجع مستويات ما قبل الأزمة بالإضافة الى تصاعد غير مسبوق للضغوطات التضخيمية نتيجة العوامل الخارجية كما أكد السيد الوزير في عرضه تباطؤ أداء القطاع الثانوي ودينامية قوية للقطاع الثالثي حيث لم يحقق قطاع الفلاحة من80مليون قنطار سوى32مليون قنطار . مع ارتفاع بنسبة14%في محصول الحوامض و21%في محصول سلاسل الإنتاج المرتبطة بالأشجار المثمرة والزراعات الربيعية وعرف قطاع الصيد البحري ارتفاع بنسبة%14.3 من الكميات المصطادة، كما حقق المكتب الشريف للفوسفاط رقم مبيعات قياسي فاق77%
خلال الفصل الاول لسنة2022. وفي قطاع البناء والأشغال العمومية سجل انخفاض المعاملات العقارية4,9خلال الفصل الاول من سنة2022مع بداية انتعاش القروض ، البنكية الممنوحة للمنعشين العقاريين خلال شهر ماي، وفي قطاع الطاقة والصناعة سجل
ارتفاع في إنتاج الطاقة المحلية ب31%مع انخفاض الانتاج في الصناعات الكيماوية والغذائية والسيارات على الخصوص، اما قطاع السياحة والنقل عرف ارتفاع بنسبة تفوق بقطاع السياحة و90%بالقطاع النقل رغم هذه الأرقام و المعطيات المقلقة التي عرضها السيد الوزير لكنه ظل متفائلا في ظل نمو اقتصادي ناجح لسنة2022متوقعا انه سيبقى في حدود التوقع الأصليلقانون المالية أي في حدود3,2%. كما أشار السيد الوزير إلى تحسن شروط تمويل الاقتصاد رغم الظرفية الصعبة من خلال انعاش القروض الموجهة للاستثمار ب36مليار درهم ، كما أن تسارع وتيرة النمو للقروض الممنوحة للاستهلاك ب1.1مليار درهم مع ارتفاع القروض البنكية الممنوحة للشركات غير مالية الخاصة ب16,4مليار درهم و للأسر ب6,4مليار درهم، بالإضافة إلى تراجع معدلات الفائدة المدينة ب16نقطة أساس إلى4,28%في الفصل الأول من سنة2022استفاد منه كل من المقاولات الكبرى والمتوسطة و الصغرى.
كما عرف معدل التضخم ارتفاع إلى مستويات غير مسبوقة منذ28سنة ليصل إلى %5,1+ كمتوسط خلال ستة أشهر الأولى من سنة2022عوض %0,9+ خلال نفس الفترة من سنة2021، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغدائية بنسبة %7,8+ عوض %0,1-
السنة الماضية و توقع الوزير نسبة تضخم %5,3هذه السنة مقابل %1,4السنة الماضية.

فيما عرف معدل البطالة الذي بلغ نسبة16,3%بانخفاض طفيف عن السنة الماضية الذي عرف بنسبة17,1%، حيث عرف هذا القطاع فقدان58ألف منصب شغل ما بين الفصل الأول لسنة2021و الفصل الأول لسنة2022، و فقدان183ألف منصب على مستوى قطاع الفلاحة و الغابة و الصيد البحري، و إحداث85ألف منصب شغل بقطاع الخدمات و29ألف منصب شغل بقطاع البناء ة الأشغال العمومية و13منصب شغل بقطاع الصناعة.

-و فيما يخص مجال المبادلات الخارجية و ميزان الأداءات ، عرض السيد الوزير أهم تطورات المبادلات الخارجية و ميزان الأداءات، مسجلا بذلك تطور إيجابي للصادرات بنسبة تزيد عن %41+ و كذلك سجل ارتفاع الواردات إلى %39+، مما أدى إلى ارتفاع عجز الميزان التجاري بنسبة %37+، مع تواصل تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بنسبة %5+، و انتعاش ملموس في عائدات السياحة وصل %17,3+ مقارنة مع ماي2021، بالإضافة إلى ارتفاع صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة ببلادنا بنسبة %10,8.و سجل احتياطي الصرف لدى بنك المغرب مستوى جيد يسمح بتغطية حوالي6أشهر من الواردات ، و استقرار سعر صرف الدرهم داخل نطاق5%مما يعطي ثقة الفاعلين الإقتصاديين في صلابة الاقتصاد الوطني و مثانته في مواجهة تقلبات السوق الدولي على حد قول السيد الوزير في عرضه.
المحور الثاني:تنفيذ قانون المالية لسنة2022.

بهذا نغلق القوس على المحور الأول وننتقل إلى المحور الثاني المتعلق بتنفيذ قانون المالية لسنة2022 إلى غاية المرحلة الختامية لهذه السنة .. وفي هذا السياق أكد السيد الوزير ارتفاع المداخيل الجارية من119399مليون درهم2021 الى 147440 مليون في ماي من هذه السنة بالنسبة تجاوزت 5% مقارنة مع الفترة المقبلة من نفس السنة2021.. وارتفاع مداخيل الغير الجبائية من9.8مليون درهم الى14.04 مليون درهم خلال هذه السنة، فحققت المداخيل الجبائية زيادة 23.5 مليار درهم و المداخيل الغير الجبائية زيادة 4. مليار درهم  وبالتالي سجلت المداخيل تحسنا بحوالي28 مليار درهم.

كما ان ارتفاع النفقات الجارية بحوالي %15نتيجه بالأساس الارتفاع تحملات المقاصة بمبلغ 12مليار درهم إضافة ويعزى هذا حسب الوزير إلى ارتفاع تحملات صندوق المقاصة بسبب ارتفاع غاز البوتان في الأسواق الدولية .. كما أكد السيد الوزير عن ارتفاع الاصدارات برسم نفقات الاستثمار بحوالي7.8مليار ، وبلغت نسبة التوقعات حوالي 50.7%، واجمالا سجلت النفقات ارتفاع بحوالي27مليار درهم اي بنسبة16,9% .

ونتيجة لهذه التطورات و استحضارا للفائض التي سجلته الحسابات الخصوصيات للخزينة ب20,9 مليار درهم مع انخفاض عجز الميزانية بمبلغ11 مليار درهم يبلغ 18.3 مليار درهم، ويمثل هذا المستوى من العجز حوالي25% من المستوى المتوقع برسم قانون المالية 2022 حسب عرض السيد الوزير دون زياده او نقصان منه او غير. وبالنظر الى هذه الحصيلة التي قدمها الوزير للنصف الاول من ميزانية2022 استقرار عجز الميزانية فان التوقعات المعنية بالنسبة للفترة المتبقية من هذه السنة المالية: في حدود 73 مليار درهم اي ما يعادل5.3%من الناتج الداخلي الخام، وتوقع الوزير بقاء العجز في 5.3% لتحسن المداخيل الجبائية التي ساعدت في تغطية الارتفاع المسجل في تحملات صندوق المقاصة و التي فتحت لها اعتمادات إضافية بمرسوم بمبلغ16مليار درهم،
بالإضافة إلى16مليار التي خصصت خلال تسطير الميزانية2022.. مما يؤكد ان صندوق المقاصة اصبح يستهلك اكثر من32مليار درهم سنوي .. وهذا يفرض علينا جميعا التفكير في حلول بديلة عن هذا الصندوق و لما لا التعجيل بالدعم المباشر عبر السجلالاجتماعي وانهاء صندوق المقاصة.
و نختم هذا المحور بتوقعات السيد الوزير أن ترتفع نسبة المديونية إلى حوالي70% من الناتج الخام مقابل69%في متم السنة الماضية2021، و بهذا نغلق القوس مع المحورين الأول و الثاني من عرض السيد الوزير فوزي لقجع و ننتقل إلى المحور الثالث و قراءة في البرمجة المالية سنة2023 و الإجمالية لسنوات2023 -2024-2025.

المحور الثالث:قراءة في البرمجة المالية 2025-2023

لقد بنى السيد الوزير مقترح مشروع ميزانية 2023 والبرمجة الميزانياتية للسنوات2023-2024-2025 على فرضية قال انه سيتم تدقيقها بناء على تطور المعطيات المرتبطة بتداعيات الأزمة الوبائية والتساقطات المطرية سواء ببلدنا أو على المستوى
العالمي، وافترض تحقيق محصول الحبوب في حدود 75 مليون قنطار كل سنة من السنوات الثلاثة، كما افترض700 دولار للطن من ثمن البوتان برسم سنة 2023و630 دولار لطن عن سنة 2024و590 دولار لطن عن سنة 2025. كما عرض في فرضية سعر 93 دولار للبرميل برسم سنة 2023و85 دولار للبرميل عن سنة 24 مقابل 78 سنة 2025. وتوقع أن يبقى سعر صرف الدولار مقابل الدرهم خلال السنوات الثلاثة المقبلة في حدود 9.8، و توقع السيد الوزير معدل تضخم 2% على امتداد السنوات الثلاثة.

وعلى ضوء الفرضيات المعتمدة من المتوقع أن يسجل نمو الاقتصاد الوطني خلال سنة 2023 انتعاشا بمعدل %4,5+ عوض %1.5+ المرتقبة في سنة 2022 على الرغم من المناخ الدولي الجد مضطرب ويمكن تخفيضها إلى نسبة 4% في حالة تدهور آفاق إنتعاش الاقتصاد العالمي سنة 2023.. وكانت توقعات السيد الوزير بخصوص نمو الناتج الداخلي الخام 3,7% سنة2024 و3,8% عن سنة2025. ولتحقيق هذه الأهداف والفرضيات يتطلب اتخاذ مجموعة من الإصلاحات والإجراءات والقرارات الضريبية من أجل التمكن من تعبئة موارد إضافية جديدة، من ابرزها اعادة النظر في الدعم العمومي للقضايا المرتبطة بالدراسات والدعم
والصفقات العمومية ، ومراجعة دور المؤسسات العمومية التي تعيش على حساب ميزانية الدولة وإعادة النظر في صيغ الدعم لصندوق المقاصة وإعطاء حلول بديلة تفتح الباب للدعم المباشر للأسر الهشة و الفقيرة، كما أشار إلى ذلك خطاب جلالة الملك محمد السادس في30 يوليوز 2022 ودعوة جلالته الصريحة إلى إخراج السجل الاجتماعي الى الوجود والتعجيل به. هذا من جهة، ومن جهة ثانية بات لزاما على الحكومة مراجعة الاقتصاد الغير مهيكل والعمل على جعل مداخيله تصب في المداخيل الميزانية العمومية ومن ثم برمجتها بصيغ مختلفة للمؤسسات العمومية التي تخدم المجال الاجتماعي و الاستثماري..
وفي الأخير لابد من تفعيل حقيقي لنظامنا الضريبي ومراجعته .. وإعادة التفعيل الحقيقي لتحصين مداخيل الجبايات المحلية وايجاد حلول أكثر نجاحه لتحصيلها.  كانت تلك أهم المعطيات التي قدمها السيد الوزير في ورقته حول مقترح مشروع
ميزانيات 2022-2023 – 2023-2024-2025 و يبقى الجواب حول صدقية توقعاتها من عدمه مفتوح في وجه التقلبات الدولية و الوطنية، كوفيد19و الخروج من الأزمة الصحية العالمية .. و الحرب الروسية الأكرانية.. و مدى قدرة الحكومة علىالإصلاح الضريبي للجبايات الوطنية و المحلية، و مراجعة الاقتصاد الغير مهيكل، و رحمة السماء هل ستجود بالمطر في السنوات المخطط لها في هذا العرض، و نسأل الله أن يرسل السماء علينا مدرارا و يمددنا بأموال وبنين ويجعل لنا جنات و يحعل لنا أنهارا.. كما نسأل الحكومة أن تسرع من إنجاز وتيرة السدود الثلية و محطات تحلية مياه البحر و تكثر من زرع الحقول بالحبوب و القطاني بدل التشجير و الفواكه.

*دكتور في القانون الدستوري وعلم السياسة

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

    موافق